توقف الإسرائيليون عند إعلان أعضاء الكنيست العرب من القائمة المشتركة معارضتهم للاتفاق التطبيعي بين الإمارات و"إسرائيل" في أثناء عرضه على التصويت في البرلمان الإسرائيلي، مع أنه كان بإمكانهم الامتناع عن التصويت، أو التغيب عن الجلسة الكاملة.
المحافل السياسية الإسرائيلية اتهمت النواب العرب بأن إعلان معارضتهم لاتفاق التطبيع مع الإمارات يعني إصرارًا منهم على الإضرار بمصالح "إسرائيل"، ما يجعلهم يثبتون مرارًا وتكرارًا أنهم يفعلون كل ما في وسعهم للإضرار بأمنها، لأنهم يعتقدون أن ما حصل ليس اتفاق سلام، بل اتفاق يخدم المصلحة الإسرائيلية، ومعارضته جزء من أهمية ومحورية القضية الفلسطينية.
لا يخفي فلسطينيو الـ48 على الصعيدين الرسمي والشعبي، أن منطلقاتهم في معارضتهم لاتفاق الإمارات و"إسرائيل" تتمثل بأن هذا الاتفاق يقوم على مبدأ خاطئ، وبموجبه باتت المشكلة الرئيسة في الشرق الأوسط تتركز في إيران، وليس الاحتلال الإسرائيلي، وعدم إيجاد حل للقضية الفلسطينية، وعليه فإن هذا الاتفاق يدفع الدول العربية "المطبعة" لإقامة تحالفات مع "إسرائيل" لمواجهة إيران، الأمر الذي لا يمكن لفلسطينيي الـ48 قبوله أخلاقيًّا ووطنيًّا وسياسيًّا.
من الطبيعي أن يعلن النواب العرب في الكنيست، وقبلهم عموم فلسطينيي الـ48، أنه لا يمكن أن يكون سلام في المنطقة دون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإعادة الأرض لأصحابها الفلسطينيين والعرب، بعيدًا عن إقامة علاقات ثنائية دافئة ومتعاطفة وودية مع بعض الدول العربية، كما رأينا في اتفاقيات سلام أخرى موقعة في الماضي مع الدول المجاورة.
إن معارضة فلسطينيي الـ48 للاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات والبحرين، ومن سيأتي بعدهما، يعني أنهم ما زالوا أصحاب الخيار الوطني الفلسطيني، بعيدًا عن مفاهيم الأسرلة وغسل الدماغ وتذويب الذات لصالح الاحتلال، رغم ما قد تزعمه دوائر صنع القرار الإسرائيلي التي ما فتئت تحرض عليهم، وتتهمهم بالانضمام إلى موقف المعسكر المعادي لـ"إسرائيل" مع إيران وحزب الله وحماس، ما يعني إصرارهم وإثباتهم مرارًا وتكرارًا أنهم يبذلون منهجيًّا كل ما في وسعهم للإضرار بشخصية "إسرائيل"، ومصالحها، وأمنها.
يستعيد الإسرائيليون في هذه المناسبة عقب تصويت النواب العرب ضد اتفاق التطبيع مع الإمارات ما يعتبرونها إشارات معادية لـ"إسرائيل"، محاولات نواب عرب سابقين ساعدوا أعداء "إسرائيل" ضد مصالحها، مثل عزمي بشارة بمساعدة حزب الله في حرب لبنان الثانية، وباسل غطاس بمساعدة أسرى في السجون الإسرائيلية، وحنين الزعبي بمشاركتها في أسطول مرمرة على شواطئ غزة.
تستخلص الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية من التصويت البرلماني الرافض للنواب العرب في الكنيست لاتفاق التطبيع، أنه لا بد من اتخاذ خطوات سياسية وبرلمانية قاسية ضد النواب العرب في الانتخابات المقبلة للكنيست، ومنها تعليق عضوية القائمة المشتركة، ورفض إشراكها في تلك الانتخابات للأسباب السابقة.