لا تنتهي محاولات الاحتلال الإسرائيلي لهدم تجمع الخان الأحمر شرقي مدينة القدس المحتلة، من أجل تنفيذ مشروع استيطاني يمتد من أراضي شرقي القدس حتى البحر الميت، وعزل المدينة المقدسة عن الضفة الغربية، وفصل جنوبها عن شمالها، في ظل انشغال العالم بجائحة كورونا وتطبيع دول عربية مع الاحتلال.
وقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في افتتاح الجلسة الحكومية صباح أمس: إن الخان الأحمر سيُخلى، سواء أكان باتفاق أم بدون اتفاق، وأن الأمر لن يستغرق عدة أسابيع إضافية، وسنعمل بالتوافق مع القانون الدولي، وسنعطي فرصة أخيرة للوصول إلى اتفاق، لكن في جميع الأحوال سيُخلى".
وكان نتنياهو قد جمَّد تنفيذ قرار إخلاء الخان الأحمر في20 أكتوبر 2018، بعد تحذير المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، في 17 أكتوبر 2018، بأن هدم تجمع "الخان الأحمر"، وتهجير السكان عنوة في أراضٍ محتلة، يعدان جريمتي حرب بموجب ميثاق روما، بعد حركة تضامن عالمية واسعة مع الشعب الفلسطيني لمنع الهدم.
وتضم قرية "خان الأحمر" التي تقع بين شرق القدس والضفة الغربية نحو 200 شخص، يعيشون في خيام وبيوت من الصفيح وأكواخ معدنية وخشبية، في حين توجد مدرسة واحدة تخدم خمسة تجمعات بدوية تضم نحو 200 طالب وطالبة.
ويحيط بالتجمع مستوطنتا "معاليه أدوميم وكفار أدوميم"، وتسعى سلطات الاحتلال، وفق المتحدث باسم التجمع عيد جهالين، لتوسيعهما، وتنفيذ مشروع استيطاني يمتد من أراضي شرقي القدس حتى البحر الميت، لتفريغ المنطقة من أي وجود فلسطيني، كجزء من مشروع لعزل القدس عن الضفة وفصل جنوب الضفة عن شمالها.
تطهير عرقي
ويؤكد جهالين لصحيفة "فلسطين" أن سلطات الاحتلال تمارس سياسة التطهير العرقي بحق أبناء الشعب الفلسطيني، خاصة سكان "الخان الأحمر"، مشيرًا إلى أن (إسرائيل) تمارس سياسة التضييق على السكان منذ أعوام، في محاولة منها لتهجيرهم من أرضهم، مشددًا "على أنهم مصممون على البقاء فيها رغم ما يحاك ضدهم".
ومن بين ممارسات الاحتلال ضد السكان منعهم من التزود بالكهرباء، أو المياه، وإغلاق المنطقة بذريعة أنها منطقة تدريب عسكري، وأخرى بزعم أنها محميات طبيعية يُمنع الاقتراب منها، وكذلك تحرم الأهالي من بناء أو ترميم منازلهم، وفق جهالين الذي قال: "لو بإمكان الاحتلال لمنع عنا الهواء من أجل دفعنا لمغادرة المنطقة".
ويشير إلى أن مجلس المستوطنات بالتعاون مع محاكم الاحتلال يعمل طوال الوقت من أجل تهجيرنا من التجمع، لاستكمال مخططاته الإجرامية في المنطقة، التي زادت عام 2018، وجُمّدت بفضل حركة التضامن العالمية معنا.
ويلفت إلى أن التضامن مع "الخان الأحمر" بات شبه معدوم، بعد تجميد الاحتلال قرار هدمه نهاية عام 2018، داعيًا إلى تجديد الاعتصام مع الأهالي، خاصة بعد عودة رئيس الحكومة إلى التلويح بهدم التجمع.
ويشير إلى أن تهديد الهدم في ظل جائحة كورونا وما تتعرض له القضية الفلسطينية من مؤامرات دولية، والتطبيع الدولي مع كيان الاحتلال، يساهم في تسريع وتيرة الهدم، ما ينذر بكارثة قد يتعرض لها الأهالي في أي وقت، داعيًا أحرار وشرفاء العالم للوقوف إلى جانب سكان "الخان الأحمر" وإفشال مخططات الاحتلال ومنعه من استغلال جائحة كورونا لتهجيرنا.
ويطالب المتحدث باسم التجمع، المجتمع الدولي بالتدخل الفوري، وتحمل المسؤولية القانونية، واتخاذ خطوات جادة وعاجلة لإجبار (إسرائيل) على منع تهجير تجمع "الخان الأحمر" وهدم منازل سكانه.
عودة الاعتصام
بينما يدعو منسق حملة "أنقذوا الخان الأحمر" عبد الله أبو رحمة، للتجهز من أجل العودة إلى الاعتصام في تجمع "الخان الأحمر" وإفشال مخططات الاحتلال لتهجير سكانه.
ويقول أبو رحمة لصحيفة "فلسطين": "إن سلطات الاحتلال تحاول استغلال الظروف الحالية من أجل تنفيذ مخططاتها بتهجير أهالي التجمع، وتنفيذ مخططاته العنصرية لتضييق الخناق على المدينة المقدسة وعزلها عن العالم".
ودعا لاستمرار الحراك الشعبي المساند لأهالي القرية من أجل منع ترحيل سكانها، لافتًا إلى أن الحملة التي أُطلقت عام 2018 شهدت حركة تضامن عالمية واسعة مع الشعب الفلسطيني، دفعت الاحتلال لتأجيل هدم القرية، داعيًا كل الفلسطينيين لمساندة الأهالي.
وطالب أبو رحمة، المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان بضرورة التدخل العاجل لإلغاء قرار الهدم والجائر بحق سكان التجمع، الذين يعانون الكثير من جراء التضييق والعقوبات الممارسة بحقهم منذ سنوات طويلة.
وينحدر سكان "الخان الأحمر" من صحراء النقب، وسكنوا بادية القدس في عام 1953؛ بعد تهجيرهم القسري الذي نفذته سلطات الاحتلال الإسرائيلي.