فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

دلالات تزامن المفاوضات اللبنانية الإسرائيلية مع التطبيع

بعد عشر سنوات من بقاء المفاوضات الإسرائيلية اللبنانية عالقة بشأن ترسيم حدودهما البحرية، انطلقت من جديد برعاية أمريكية واضحة، وتبدو قراءتها صعبة بعيدا عن انطلاق عجلة التطبيع الجارية بين عدد من الدول العربية والاحتلال، وحديث الرئيس السوري عن عدم معارضته العلاقات مع "إسرائيل"، إن انسحبت من الأراضي السورية المحتلة.

صحيح أن لبنان ما زال يعلن تمسكه، حتى الآن، برفضه أي تطبيع أو إقامة علاقات مع "إسرائيل"، قبل استعادة أراضيه المحتلة، لكن ابنة الرئيس اللبناني ميشال عون، أعلنت أنه إذا حلت مشكلة ترسيم الحدود، فإنها تريد السلام مع "إسرائيل"، وتنوي زيارة القدس المحتلة، دون صدور مواقف رافضة من أي من الأوساط السياسية اللبنانية، دون استثناء!

تتعلق المفاوضات بمنطقة متنازع عليها بينهما مساحتها 330 كم2، تمتد على منطقة حدودهما البحرية في شرق البحر المتوسط، غنية بحقول الغاز الطبيعي، دون استبعاد إمكان إنشاء طريق سري يتجاوز المفاوضات الرسمية، فبعض الأوروبيين تطوعوا لهذه المهمة، في حين يظهر الموقف الإسرائيلي معالجة متأنية للمسألة، لأن كل ما تريده "إسرائيل" من لبنان اتفاقا يزيد من حصانة منصاتها للغاز، وإشارة للبنانيين أن الأعمال التجارية قد تتم مع الإسرائيليين.

في ضوء تشابك الملفات المحلية اللبنانية والإسرائيلية مع نظيرتها الإقليمية والدولية، فمن المتوقع أن تترك هذه المفاوضات تداعياتها الخارجية واسعة النطاق، لأن العامل الأهم الذي يقودهما للتفاوض هو الفوائد الاقتصادية المحتملة، ولجميع دول المنطقة المتعاونة بإنتاج الغاز الطبيعي، وتسويقه، رغم حالة التردد والعداء وانعدام الثقة المتأصل بينهما.

تدعي المحافل الإسرائيلية أن المفاوضات الجديدة مع لبنان، ورغم محدودية الزمان والمكان، تقدم اعترافا فعليا بها، وتتزامن مع توقيع اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج العربي، لكن من الواضح أن الحل الذي اقترحه الأمريكيون يعتمد على الفصل بين ملفي الحدود: البرية والبحرية، ما قد يسهل في حلهما، واحدا بعد الآخر.

وبينما تواصل الطواقم الفنية عملها ومفاوضاتها بين الجانبين، يستمر عمل الشركات الدولية في استخراج الغاز من الحقول البحرية، وتوزيع المكاسب المالية مناصفة بينهما، وبعد أن تنتهي لجان التحكيم القانونية من عملها يتم إلزام الدولتين بقراراتها.

لم يمر الشروع في مفاوضات لبنانية إسرائيلية حول ترسيم الحدود البحرية بهدوء ودون خلافات، كما هي عادة الساحة اللبنانية، فالفريق الموافق عليها يبرر موقفه بالقول إن الاقتصاد اللبناني يمر بأزمة صعبة، ومدخولات الغاز كفيلة بتحسين الوضع المالي للدولة، لكن معارضيها يخشون أن حل مشكلة الحدود البرية لاحقا سوف يمر من تحت أقدامهم، ولن يعود لهم مبرر لاتهام "إسرائيل" باحتلال أجزاء من الدولة اللبنانية، وستوضع علامات استفهام حول مشروعية حيازته للسلاح، ما قد يفتح حوارا لبنانيا داخليا حول الحاجة لتفكيكه.