في ذروة الإخفاق الإسرائيلي أمام تفشي وباء كورونا بصورة قد تكون خرجت عن السيطرة، خرجت دعوات إسرائيلية تطالب بنقل الحكومة وإدارتها إلى أيدٍ مهنية لا يمسهم أي اعتبار سياسي أو حزبي، لأن الاستنتاج الذي يعيشه الإسرائيليون يتمثل بأن وضعهم الخطر الحالي، لم يكن موجودًا قبل ذلك، رغم أنهم مروا بالعديد من الأزمات، ربما كانت أخطرها حرب 1973.
ما نشهده اليوم هو تفكك كامل للمجتمع الإسرائيلي، وفي حين أفلس المجتمع الحريدي، بل أصيب بالجنون، بسبب مخالفاته الطبية والصحية، فقد فقد المجتمع العلماني اتجاهه، وحجم التقارير الميدانية يفيد بأن الإسرائيليين يتجهون إلى الانقسام العميق في كل ما يتعلق بالقانون والنظام والانضباط والضمان المتبادل.
هناك من الإسرائيليين من يلوم قيادتهم السياسية والأمنية، وهذا أمر يجب الاعتراف به، لأنه عندما تضع القيادة السياسية معايير معينة، لكنها لا تلتزمها، فإنها تقدم مثالًا سيئًا للإسرائيليين، مع أن هذه المسلكيات الحكومية الخاطئة من ناحية أخرى، ليست جديدة عليهم، ولا ينبغي أن تفاجئهم.
يعلم الإسرائيليون أن مسؤوليهم وقادتهم يعتقدون أن كل شيء مسموح لهم، ويعلم الإسرائيليون أنهم فاسدون، ولا يمكن الوثوق بهم، مما يثير السؤال: لماذا يصوتون لهم مرارًا وتكرارًا؟ الإجابة: لأنه ليس لديهم خيار، لا بديل عنهم، أو هكذا يعتقدون، مما قد يتطلب تغيير نظام الحكم في "إسرائيل"، وإذا كانت الأمور صحيحة في بعض الأوقات، فهي صحيحة ومشروعة الآن بشكل مضاعف.
بلغة وباء كورونا، فإن الإسرائيليين "يتعايشون" كل يوم بشكل مباشر مع أهوال حكومتي غانتس ونتنياهو، وأعضاء الحكومة والكنيست الذين يسخرون منهم بأبشع طريقة يمكن تخيلها، والوزراء الذين يخالفون تعليمات الحجر الصحي ولبس الكمامات مجرد حلقة واحدة في سلسلة طويلة، لاشك أنها ستمتد، من المسؤولين الذين ينتهكون المبادئ الصحية، ويسخرون من مواطنيهم.
يتحدث الإسرائيليون أنهم مطالبون بالتخلص من كل ساستهم، وأن يغيروا الطريقة التي تدار بها "إسرائيل"، لأنهم ليسوا على استعداد للقبول بأن يحكمهم من يشرع القوانين التي يخضعون لها، في حين هم لا يلزمون أنفسهم إياها، بل يمعنون في ذلك بروح ملؤها الازدراء من باقي الإسرائيليين، والنتيجة الماثلة أمام نواظرهم تتركز في نشوء حكومة تخالف هي قراراتها، وينتهك وزراؤها تعليماتهم.
في النهاية، لا يتطلب الأمر تنبؤات أو قراءات في فنجان، لكن الجمهور الإسرائيلي مطالب باستيعاب ما يحدث لديه: أنهم يسيرون نحو الدمار، هذا بالضبط ما سيحدث إذا لم يتعافون من الوباء، ويتخلصون من الحكومة "المريضة" التي يعانونها حاليًّا، لأنه وفق التراث اليهودي القديم، فقد عانى الإسرائيليون الدمار في عام 586 قبل الميلاد؛ وشهد دمارًا آخر في عام 70 بعد الميلاد؛ ولا يوجد