يواصل الإسرائيليون تحريضهم على المصالحة الفلسطينية، بزعم أنها تشكل خطرا عليهم؛ وهم معنيون أكثر من أي وقت مضى باستمرار الانقسام، لكن الجديد في الموقف الإسرائيلي إصدارهم تحذيرات جديدة بهدف منع مشاركة حماس في الانتخابات التي يجري الحديث عنها بين الفصائل.
بغض النظر عن موقف كاتب السطور من الانتخابات، ومدى واقعيتها، والخشية من تكرار أحداث سابقة عاشها الفلسطينيون، لكننا أمام سلوك إسرائيلي فظ يحاول فرض أجندته السياسية عليهم، بزعم أن مشاركة حماس في الانتخابات مخالفة لاتفاق أوسلو، لأن الحركة، بنظر الإسرائيليين، لا يجب أن تحظى بالشرعية؛ ما يتطلب منهم استخدام أدواتهم في الساحة الفلسطينية لمنع الانتخابات، إذا لزم الأمر.
يستعيد الإسرائيليون فوز حماس في انتخابات 2006، ومن بين أسبابه فضلا عن شعبية الحركة، فقد ساهم ضعف حركة فتح وتشرذمها بذلك، بجانب ما يعدونه خطأ حكومة شارون، حين وافقت على مشاركة حماس بالانتخابات، واستسلامها لضغوط الإدارة الأمريكية، وبعد عام ونصف من هذه الانتخابات، أصبحت حماس صاحبة القول الفصل في قطاع غزة.
يبرر الإسرائيليون تدخلهم السافر في موضوع الانتخابات، وهو موضوع فلسطيني بحت، من ألفه إلى يائه، بأن حماس وظفت فوزها في الانتخابات السابقة 2006 بإقامة قاعدة عسكرية ضخمة، مع صناعة صاروخية، وتطوير أسلحة، ما يعرض أمن إسرائيل للخطر.
هذه المرة، يذهب التدخل الإسرائيلي في طلب منع مشاركة حماس في الانتخابات خشية من تعزز قوة قطر وإيران وتركيا في المنطقة، وزيادة تأثيرها على الضفة الغربية، وهو يتزامن مع الاستدارة السياسية التي أجرتها السلطة الفلسطينية نحو هذه الدول، بعد توقيع اتفاقيات التطبيع مع دول الخليج، وإدارة مصر والسعودية ظهرها لها.
تزعم التقديرات الإسرائيلية أن حماس ترى مشاركتها في الانتخابات، مرحلة انتقالية في طريقها للسيطرة على الضفة الغربية، ما يتطلب من إسرائيل أن تتدخل، والتوضيح للسلطة الفلسطينية أنها لا تنوي السماح لحماس بالمشاركة في الانتخابات.
تشرعن إسرائيل توجهها بحظر مشاركة حماس في الانتخابات، بالزعم أنه لا يمكن السماح لحركة تدعو للجهاد والحرب المقدسة والكفاح المسلح، لتدمير إسرائيل، وإقامة فلسطين من البحر إلى النهر مكانها.
أكثر من ذلك، فقد تقدمت إسرائيل خطوة بالحديث عبر منابرها الإعلامية أنها تمتلك القوة الكافية لمنع الانتخابات في الضفة وشرقي القدس، فهي تسيطر أمنياً عليهما، ويمكنها اعتقال المرشحين، ومنع الانتخابات، ومنع فتح مراكز الاقتراع، ومنع 300 ألف من المقدسيين من المشاركة فيها.
يخلص الإسرائيليون في سوق تبريراتهم غير المقبولة في منع حماس من المشاركة في الانتخابات المقبلة، أن إعلان الموقف المعارض بشدة يجب أن يتم قبل أي تغيير محتمل في البيت الأبيض، لأنه قد يصعب للغاية التعبير عن المعارضة إذا خسر ترامب الانتخابات.