فلسطين أون لاين

الجرح الإسرائيلي النازف من انتفاضة الأقصى بعد 20 عامًا!

ما زال الإسرائيليون يحيون الذكرى السنوية العشرين لاندلاع انتفاضة الأقصى، حين دارت حولهم مثل رقصة الموت التي اقشعرت لها أبدانهم، وشكلت أحداثها مخاوفهم، وغرائزهم الوجودية، وما زالت تؤثر عليهم إلى حدٍّ كبير.

في ذروة تلك الحرب المنسية خلال الانتفاضة الثانية، عاش الإسرائيليون حربًا من أجل كل شيء، بفعل مشاهد الرعب القاسية، ومئات الجنازات، التي اعتادوا عليها، حيث انقلبت حياتهم رأسًا على عقب؛ والهجمات الفلسطينية التي أصبحت مسألة شخصية تقريبًا، لمست كل واحد منهم.

يعترف الإسرائيليون أنه في سنوات الانتفاضة الثانية التي اندلعت قبل عشرين عاما ضربتهم الهجمات الفلسطينية، بلا رحمة، في الليل وأثناء النهار، وقعوا جميعًا حينها ضمن المجموعات المعرضة للخطر، وعرفوا معنى الابتعاد عن الأماكن والتجمعات المزدحمة؛ لأن تلك الهجمات تبحث عنهم هناك، واستولى الرعب عليهم في أماكن مزدحمة، وباغتتهم في المطاعم، وطوابير الانتظار، والمقاهي، والحافلات.

هذه الأماكن تحوَّلت إلى وجهة محبّبة بشكل خاص للجيل الفلسطيني الاستشهادي، وعقب كل انفجار ضخم يصيب الإسرائيليين بالذعر، وهم يسمعون ضجيج الكارثة، وعواء صفارات الإنذار، وزئير الحشد الهائج، وهكذا دارت حولهم "انتفاضة الأقصى" طيلة خمس سنوات.

شكلت الانتفاضة حدثًا شخصيًا لكل إسرائيلي، من القتلى والجرحى، صحيح أن العديد منهم غادرها دون أن يطاله بعض من آثارها، لكن بالنسبة للعديد من الإسرائيليين كانت النهاية مختلفة، وطبقاً لبيانات جهاز الأمن العام- الشاباك، فقد قُتل 1030 إسرائيلياً بهجمات فلسطينية بين سبتمبر 2000 وسبتمبر 2004، وأصيب 5.598 آخرين، ووقعت عشرات الآلاف من العمليات المسلحة ضد “إسرائيل”، منها 13730 إطلاق نار، و138 عملية استشهادية.

تميزت العمليات الفلسطينية في سنوات الانتفاضة بسمات غريبة، ولعلها المرة الأولى التي أصبحت فيها الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بشكل مستمر ومنهجي، مستهدفة بشكل أساسي، بينما جنود الاحتلال على الحدود أكثر حماية وأقل إصابة، وأصبح الضرر الذي يلحق بالجبهة الداخلية أمرًا روتينيًا لسنوات عديدة.

انتفاضة الأقصى علّمت الإسرائيليين دروسًا مفادها التركيز على وجودهم الأمني ​​والاستخباراتي في المنطقة، حين تحطمت اتفاقيات أوسلو وسط ضوضاء عالية أمام مرايا الدم والنار، بجانب الهياكل العظمية للحافلات المتفجرة، والجثامين المغلفة بالنايلون الموضوعة بجانبها، وانهار المفهوم الساذج وراء الاتفاقات، ومعها انهار السياج والجدران الخرسانية التي تمتد حتى اليوم على طول الطريق، وعلى طول مسار الخط الأخضر.

صحيح أن الجدار العنصري حمى الإسرائيليين إلى حد ما من الهجمات المسلحة، لكن الفلسطينيين تجاوزوه في بعض الأحيان، وفي النهاية فإنَّ هذا الجدار رفع مستويات العداء والاغتراب بين الجانبين، ولا يزال الفلسطينيون يزرعون روايات الشهادة والعودة، فيما لا زالت الروح الجماعية الإسرائيلية مجروحة حتى يومنا هذا من أحداث الانتفاضة الثانية.