فلسطين أون لاين

آمال "الطلاع" في العودة لوظيفته بـ"أونروا" ترتطم بجدار الرفض

تقرير أبو سويرح: عودة الموظفين المفصولين إلى الدوام الجزئي "مؤقت"

...
صورة أرشيفية
غزة/ أدهم الشريف:

عندما لجأت إدارة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، إلى نقل معلم التدريب اليدوي والصحة والبيئة إسماعيل الطلاع، من الموازنة العامة إلى ميزانية برنامج الطواري في الوكالة الأممية، لم يكن يعرف أن الأمر سينتهي به للفصل التعسفي بحجة الأزمة المالية.

يقول الطلاع في بيان نشره أمس إن اتحاد الموظفين العرب في "الأونروا"، عقد اتفاقية مع إدارة "أونروا" يضمن في حال تضرر ميزانية الطوارئ أن يعاد موظفي الطوارئ إلى الميزانية العامة ببرنامج التعليم، لكن ذلك لم يجرِ حتى الآن مع الطلاع، وبقي واحدًا من ضمن اتفاقية جديدة عقدها الاتحاد مع الوكالة عاد بموجبها غالبية المفصولين إلى وظائفهم بنظام الجزئي، لكن سواه.

والنتيجة بالنسبة للطلاع، أنه اضطر لترك عائلته التي تسكن مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، وانتقل للضفة الغربية بحثًا عن أمل جديد لم يعثر عليه بعد منذ أن فصلته الوكالة.

وفي عام 2018، لجأت الوكالة الأممية إلى الاستغناء عن المئات من موظفيها بغزة بدعوى الأزمة المالية التي دخلتها اثر قرار رئيس الإدارة الأمريكية دونالد ترامب، وقف ميزانية بلاده المقدمة سنويًا لـ"أونروا"، والتي وصلت في عام 2017 إلى أكثر من 330 مليون دولار.

واعتبر القرار الأمريكي من عدة أطراف استهداف واضح للاجئين الفلسطينيين وقضيتهم الوطنية، وقوبل بسلسلة فعاليات ميدانية مناوئة له.

تداعيات خطرة

أما عن قرار الفصل الذي لجأت إليه "أونروا"، فقد ترك تداعيات خطيرة على الأوضاع الإنسانية للموظفين.

يقول الطلاع لـ"فلسطين": إنه لم يعد يحتمل مواجهة عائلته وأبنائه بعد الفصل، ولهذا اضطر لمغادرة غزة متوجهًا للضفة الغربية.

وأضاف أنه من الحاصلين على التدريب المناسب لشغل منصب مساعد مرشد "داعم نفسي"، وقد عملت في المدارس جنبًا إلى جنب مع مرشدي الصحة النفسية.

وتابع أنه وبروح الانتماء للأونروا وبروح المبادرة ورغبة مني في التطور المهني والوظيفي لجأت إلى دراسة بكالوريوس الخدمة الاجتماعية لتقديم خدمة ذات طابع أكثر مهنية وتتصف بالجودة وتراعي كافة المستفيدين من مجتمع اللاجئين، وقد نجحت في ذلك وحصلت على البكالوريوس في وقت قياسي وبجدارة.

لكن ذلك لم يشفع له، وكانت الكارثة الإنسانية في 25 يوليو/ تموز 2018، من العيار الثقيل، كما يصفها، حيث قرار فصل جماعي لـ116 من موظفي برامج النداء الطارئ، وكان هو أحدهم.

اثر قرار الفصل الذي عاد بتداعيات خطيرة على المفصولين وأوضاعهم الإنسانية، أطلق اتحاد الموظفين في "أونروا" سلسلة فعاليات مضادة له، شملت الاضراب عن الطعام، واقامة خيمة اعتصام داخل المقر الاقليمي للوكالة بمدينة غزة، قبل أن يجبر المعتصمون على الخروج منه والاعتصام أمامه.

في مقدمة المعتصمين المناوئين كان الطلاع يهتف لحقوق الموظفين وضد قرار الفصل، لكن ذلك لم يرق لمدير عمليات "أونروا" بغزة ماتياس شمالي، الذي ما زال يرفض عودته إلى عمله حتى لو بنظام الجزئي كما حصل مع زملاء له.

اتفاقية حديثة

ومؤخرًا، استطاع اتحاد الموظفين خلال عامين من النضال من أجل حقوق الموظفين، إعادة عشرات الموظفين إلى عملهم لكن وفي النظام الجزئي ضمن اتفاقية حديثة بين الاتحاد وإدارة "أونروا" استثنت من عمرهم فوق الـ50 عامًا، وعددهم 48 من أصل 116 يعملون ببرنامج الطوارئ.

يضاف إلى هؤلاء الطلاع وعمره (41 عامًا)، وذلك رغم أن الاتفاقية بين الطرفين تضمن عودته لكن بقرار من شمالي لم يحصل ذلك بعد.

وقال الطلاع، إن شمالي ما زال يصر على استثنائي من الاتفاقية مع الاتحاد لأنني كنت في مقدمة المتضررين من قرار "أونروا" سنة 2018، في وسائل الإعلام، وبحجة أنني تجاوزت القوانين، لكنه يتساءل: "أي قوانين هذه التي اخترقتها وأنا أدافع عن حقي".

وأضاف: كل ما نتج من فعاليات جاء ضمن تنفيذ فعاليات نقابية معلنة إلا أن مدير عمليات الوكالة يستغل الاحتكاك المدبر من طرف حراسه ليبرر إرسال قرارات الإيقاف لتهديد وتخويف أعضاء اتحاد الموظفين وباقي الموظفين.

ويقول الطلاع بأسف، وهو المسؤول الوحيد عن إعالة زوجته وأبنائه الخمسة: "كلكم يعلم ما معنى فقدان مفاجئ لمصدر الدخل في منطقة وصفتها الأمم المتحدة بأنها غير قابلة للسكن أو الحياة، لقد كانت الصدمة أكبر منا جميعًا ولم أستطع تقبلها أو التعامل معها.

ويشهد قطاع غزة منذ سنوات أوضاع اقتصادية متردية عادت بنتائج خطيرة على السكان، وتعدادهم يزيد عن مليوني نسمة.

حوارات معمقة

بدوره، أفاد نائب رئيس اتحاد الموظفين في أونروا عبد العزيز أبو سويرح، بأن الاتحاد وصل مؤخرًا إلى اتفاقية مع إدارة "أونروا" تفضي إلى عودة المفصولين ممن هم أقل من 50 عامًا بدوام جزئي مؤقتًا إلى حين عودتهم بدوام كامل على الموازنة العامة.

وأوضح أبو سويرح لـ"فلسطين"، أن الاتحاد وافق على عودة المفصولين بدوام جزئي على مضض، بعد حوارات معمقة خاضها الاتحاد مع "أونروا"، مشيرًا إلى بطء شديد شاب إجراءات تعيين العائدين إلى عملهم.

وفي قضية الطلاع، أكد ضرورة عودته وعدم حمل الأنشطة الاحتجاجية المناوئة للفصل على محمل شخصي من مدير عمليات الوكالة "شمالي".

وقال إن إدارة أونروا ما زالت ترفض عودة الطلاع تمامًا بدعوى أنه خالف قواعد المهنة، مبينًا أن الطلاع موظف مارس فعاليات الاحتجاج تحت مظلة اتحاد الموظفين.

وأضاف: أوصلنا رسالتنا لإدارة الوكالة أنه حتى لو تجاوز الطلاع القوانين، فإن تجاوزه مبرر في بلدٍ مثل قطاع غزة، وكان ذلك في إطار ردة فعله على قرار فصله بعد الصدمة التي تلقاها، مشددًا على أن الفعل (الفصل التعسفي) كان أصعب من ردة الفعل.

وأضاف في ظل الهجمة الشرسة التي تتعرض لها الأونروا، لا زال اتحاد الموظفين العرب بغزة يتابع عن كثب التطورات المتلاحقة، وقضايا الموظفين التي لا زال الكثير منها عالقًا مع إدارة الوكالة بدون أي حلول.

وشدد على ضرورة استكمال الاتفاق بين الاتحاد وإدارة "أونروا" بإعادة الزملاء إلى الدوام الكلي في أول فرصة تتاح لهم، مع التأكيد أن الدوام الجزئي مؤقتًا إلى حين توفر التمويل وفتح الوظائف.

وأكد أهمية الحوار المستمر للخروج بحلول لباقي الزملاء المفصولين الـ48 الذين فُصلوا وأعمارهم أكثر من 50 سنة، وكذلك الالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد وعلى رأسها اتفاقية "LDC".

وطالب المفوض العام لوكالة "أونروا" فيليب لازاريني، بعدم السماح لكبار الموظفين بإصدار تصريحات من شأنها أن تؤجج الوضع وتشكل عامل توتير وعدم استقرار في المنطقة "ولغتنا كاتحاد وإدارة خلف المفوض العام من أجل ضمان استمرار تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين".

ونبَّه إلى أن اتحاد الموظفين العرب سيقف سدًا منيعًا أمام استحقاقات الموظفين واللاجئين مهما كانت التضحيات، ونؤكد وقوفنا إلى جانب المفوض العام في تصديه لهذه المحنة، ونحن على جاهزية لرفع صوتنا ومعاناة اللاجئين وقتما تطلبت الضرورة.

وكان ماتياس شمالي، أعلن أن أزمة مالية لا زالت تهدد صرف رواتب 30 ألف موظف بينهم 13 ألفًا من غزة.