اتفق محللان سياسيان مختصان في الشأن الإسرائيلي، على إحداث "الفيديو الدعائي" الذي بثته كتائب القسام مؤخراً، تحولًا جوهريًا داخل مجتمع الاحتلال بنقله من حالة "اللامبالاة" الواضحة إلى مرحلة "الاهتمام الكبير".
ورجح المحللان السياسيان لـ"فلسطين"، أن يترجم هذا التحول إلى أفعال ميدانية للضغط على حكومة بنيامين نتنياهو من أجل فتح مسار المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية، غير أن الدخول المباشر في هذه الحالة-وفقا للمحللين-يحتاج فترة طويلة.
ونشرت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة "حماس" الخميس الماضي، أغنية دعائية تحتوي على رسائل من الجنديين الإسرائيليين الأسرى في قطاع غزة هدار جولدين وأورون شاؤول.
ويلمح الفيديو إلى أن الجنديين على قيد الحياة، ويقولان في المقطع الغنائي الذي بلغ طوله ثلاث دقائق ونصف الدقيقة: "أمي أمي أنا هنا لماذا يقولون إنني ميت.. أبي أمي افعلوا كل شيء من أجل أن تظهروا الحقيقة".
حسم حالة الجدل
المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي صالح النعامي، رأى أن فيديو القسام الأخير، ومنذ اليوم الأول لنشره عبر وسائل الإعلام، ساهم في التأثير على حالة "الجدل العام" في مجتمع دولة الاحتلال بشكل عام وعلى ذوي الأسرى لدى القسام بشكل خاص.
وقال النعامي: إن مجتمع الاحتلال وبعد مشاهدة المقطع على منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، بدأ يعلو صوته، وقد جرى تحول جوهري بداخله بعد أن كان يتصف بمجتمع "غير مبالٍ" لقضية الجنود المأسورين، لمجتمع "متأثر ومتعاطف" مع الجنود وذويهم.
ولفت إلى أن وجود رأي غير مبالٍ داخل دولة الاحتلال حول قضية الجنود بغزة، يتوازى تمامًا مع عدم إحداث دفعة للأمام في هذا الملف من قبل حكومة "نتنياهو"، واكتفاء الأخيرة باعتباراتها وتأكيداتها السابقة بأن جنودها في غزة مجرد "أشلاء".
وأكد النعامي أن عائلات الجنود بغزة وجدت نفسها في ظل مقطع القسام مدفوعة لتجديد ضغطها نحو "حلحلة" ملف أبنائها، مضيفا "الفيديو هو بداية تحول على عائلات الجنود ومجتمع الاحتلال، غير أنه يحتاج إلى وقت طويل لجني ثماره".
وأشار إلى أن ظروف التوصل لصفقة ما بين حكومة نتنياهو والمقاومة في ظل الأيام الحالية "صعبة"، وذلك لاستمرار تأثير الصدمة التي جرت نتيجة لصفقة "وفاء الأحرار"، إلى جانب تعاظم تأثير اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو الذي يضع شروطا تعجيزية لإبرام أي صفقة تبادل مستقبلية جديدة.
ووصفت والدة الجندي الأسير "أورون شاؤول"، تعامل حكومة الاحتلال معها بـ"المشين"، وذلك بعد أيام من جلسة عاصفة عقدتها لجنة رقابة الدولة في "الكنيست" تهجم خلالها أعضاء من "الليكود" على عائلات الجنود الإسرائيليين القتلى والمفقودين.
وأكدت "زهافا شاؤول" خلال مقابلة أجرتها معها القناة العبرية الثانية، أمس، أن ابنها "خطف بيد مقاتلي حماس" خلال العدوان على غزة صيف 2014 "وهو لا زال على قيد الحياة"، داعية الحكومة التي أرسلته لغزة لإعادته.
تأثيرات كبيرة
ويتفق المحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، مع سابقه، إذ يرى بأن جميع الإشارات داخل مجتمع الاحتلال وذوي الجنود الأسرى بغزة تشير إلى إحداث فيديو القسام تأثيرات كبيرة عليهم.
وأشار أبو عامر إلى أن "القسام" أطلق عبر الفيديو الأخير ما يمكن وصفه إشارات إيجابية تزيل أكواما من الغموض على ملف جنود الاحتلال الأسرى لديه، وإعطاء "معلومة غير مباشرة" أن الأسرى لديه أحياء، وهو ما أثار موجة من الإرباك داخل مجتمع الاحتلال، مع إحداث نقلة نوعية في طريقة التعاطي مع هذا الملف.
وذكر أن التعاطي الجديد من ملف الجنود أتى بعد رغبة لحكومة الاحتلال بإبقاء هذا الملف مغلقا، خشية دفع أثمان كما جرى خلال صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011 التي استبدل فيها جنديا واحدا بأكثر من ألف أسير.
وقال: "نلاحظ الآن تصدعًا في جدار الصمت داخل مجتمع الاحتلال والذي من شأنه أن يحدث ضغطًا على حكومة نتنياهو للوصول لصفقة تبادل جديدة"، لافتا إلى أن قناعات المجتمع الإسرائيلي وذوي الأسرى لدى المقاومة باتوا على أمل أن الجنود "أحياء" وليسوا أمواتا.
وأبدى أبو عامر توقعه أن يجري في قادم الأيام حراك من هيئات مجتمعية داخل (إسرائيل) تطالب بإرجاع الجنود الأسرى لذويهم، غير أنه لا يمكن الجزم بحدوث نقلة نوعية في ملف التفاوض وإجراء عملية تبادل خلال فترة زمنية قصيرة.