فلسطين أون لاين

تقرير 30 يوماً وغزة تحت وطأة فيروس "كورونا"

...
غزة/ أدهم الشريف:

في منطقة مثل قطاع غزة الذي يعيش تحت وطأة الحصار وتداعياته لسنوات طويلة، لم يكن ينقص الأمر جائحة فيروس "كورونا" التي مر على وصولها شهر بالتمام والكمال.

لقد تغيرت معالم الحياة بالكامل في القطاع الساحلي البالغ مساحته 365 كيلومترا مربعا، وأصبح سكانه وتعدادهم يصل مليوني نسمة يعيشون تحت وطأة الفيروس الذي ظهر في الصين نهاية 2019، وانتقل للمعمورة في وقت قياسي.

ومع انتشار الفيروس حول العالم، لجأت الجهات الحكومية إلى فرض سلسلة إجراءات صارمة حالت دون وصوله للقطاع المكتظ سكانيًا، لكن توقعات منظمة الصحة العالمية بأن وصول "كورونا" لغزة "مسألة وقت" تحققت نهاية الشهر الماضي، بعد اكتشاف إصابات من داخل المجتمع بمخيم المغازي، وسط القطاع.

وطال الفيروس كبار السن رجالاً ونساءً من العاملين في مجالات مختلفة، وخاصة قطاع الصحة.

يقول الحكيم عمر جحجوح، من سكان مخيم الشاطئ غرب غزة، والذي انتقل إليه الفيروس بعد مخالطة مرضى في قسم الباطنة بمجمع الشفاء الطبي، إنه لم يتوقع أن يصاب بـ"كورونا" في بداية انتشاره.

وخضع جحجوح بعد اكتشاف إصابته بالفيروس للحجر الصحي في مستشفى الصداقة التركي، وعدد من أفراد عائلته بعد مخالطته وقد خضعوا جميعًا للحجر، لكنه استطاع تجاوز الإصابة بـ"كورونا" وعاد لأهله بسلام.

وأضاف لـ"فلسطين": بقدر الإمكان حافظت على نفسي خلال فترة الحجر، وحرصت على لعب الرياضة بهدف تنشيط الدورة الدموية.

وتبع اكتشاف إصابات داخل مستشفيات رئيسية في محافظات القطاع الخمس، تشديد إجراءات الوقاية من الفيروس حفاظًا على سلامة المواطنين ووصل الأمر إلى إغلاق بعض الأقسام،  وعزل المصابين بالكامل، حفاظًا على حياة الوافدين إلى المستشفيات.

وسبب وصول الفيروس تداعيات خطيرة على فئات المجتمع، أكثرهم عمال المياومة، خاصة الذين إن لم يعملوا يوميًا فإنهم لن يجدوا وعائلاتهم قوت يومهم.

أحمد عطا، من الشبان الذين يتخذون من بيع الكعك مصدرًا أساسيًا للدخل، لكن بسبب تداعيات "كورونا" اختلف الأمر عليه تمامًا، ولم يعد يجد المواطنين باكرًا في الشوارع والطرقات لبيع ما لديه من السلعة المرغوبة لدى الكثيرين.

يقول عطا لـ"فلسطين": اعتدت سابقًا على التوجه إلى أبواب المدارس صباح كل يوم لبيع الكعك، وبعدها أتوجه لأقرب سوق لبيع ما تبقى لدي منه، لكن الآن المدارس تغلق أبوابها، ولا زالت الأسواق تشهد حركة ضعيفة بفعل اغلاقها.

وأضاف أن "كورونا" سببت مشاكل كبيرة لأسرته المكونة من 6 أفراد، والذين ليس لديهم دخل آخر سوى بيع الكعك.

وفي حي الشيخ رضوان، رصدت "فلسطين" حرص عناصر الشرطة على تنفيذ قرارات وزارة الداخلية بإغلاق الأسواق والمحال التجارية لمنع تفشي الفيروس في المنطقة التي يزيد عدد المصابين فيها بحسب احصائيات وزارة الصحة، أكثر من 200 مصاب بـ"كورونا".

ولجأ عناصر الشرطة إلى اعتقال عدد من المخالفين لقرار منع فتح المحال التجارية في الأوقات المحدد لها، وحرصوا بشدة على تنبيه المواطنين بضرورة الالتزام بارتداء الكمامة لمنع وصول الفيروس لهم.

وشاهدت "فلسطين" شاحنات كبيرة تتبع بلدية غزة جاءت بمساعدة الشرطة ووضعت كتل اسمنتية لمنع تنقل المركبات في مناطق مختلفة من محافظة غزة، وذلك ضمن إجراءات الوقاية.

وشملت سلسلة الإجراءات التي اتخذتها الجهات الرسمية بغزة باكرًا، إغلاق معبر رفح، جنوب قطاع غزة، منذ بضعة أشهر وحجر جميع العائدين إلى القطاع من خلاله وأيضًا من خلال حاجز "ايرز"، شمالاً، لمنع انتقال "كورونا" من البلدان المحيطة التي انتشر فيها الوباء، وسبب عدد كبير من الإصابات والوفيات.

وحال وصول كورونا لغزة دون سفر حسن عبد الهادي، من سكان شمال قطاع غزة، عبر معبر رفح، بفعل الاغلاق الوقائي من الفيروس.

وقال لـ"فلسطين" إنه طيلة الأشهر الماضية كان يحضر نفسه للسفر إلى أوروبا وتحديدًا إلى اليونان التي يحمل اقامتها، لكن تفشي الفيروس في البلدان المحيطة جعله يرجئ قراره إلى حين ميسرة، ليتمكن من الوصول بسلام إلى أوروبا التي انتشر فيها الفيروس وأوقع آلاف الوفيات في عدة بلدان منها، وخاصة ايطاليا.

وأضاف عبد الهادي أن الوباء بالتأكيد تسبب بسلبيات كبيرة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي والنفسي لجميع أفراد أسرتي، وافتقدنا لذة زيارة الأحباب، لا سيما وأننا جميعًا محجورين في منزلنا.

وتابع: "لقد تأثرنا أيضًا على الصعيد الديني إذ أصبحت المساجد مغلقة بقرار رسمي، ولا نشعر بالراحة في ممارسة العبادة.

وضمن إجراءات الوقاية والسلامة للحفاظ على حياته، يحرص الشاب محمد إبراهيم، من سكان مدينة غزة، على ارتداء الكمامة والقفازات خلال زيارته للبحر يوميًا، فهو المكان الوحيد الذي يرفه فيه عن نفسه.

يقول إبراهيم لـ"فلسطين": يوميًا أخرج للبحر مع واحدٍ من أصدقائي فقط، وأحاول بقدر الإمكان الحفاظ على التباعد الاجتماعي حفاظًا على سلامتنا، وعندما يأتي عناصر الشرطة لإجبارنا على الذهاب لمنازلنا نطاوعهم دون نقاش، لأن في ذلك حفظ لأرواحنا من الوباء.

ويعول المواطنون في غزة على إجراءات الجهات الحكومية وخاصة وزارة الصحة في فحص المزيد من العينات للمواطنين لضمان عدم وصوله إلى أكبر عدد ممكن في المحافظات الخمس، لكن إعلان وزارة الصحة بغزة توقف جهاز الفحص المخبري المستلم من اللجنة القطرية بسبب نفاد المواد التشغيلية الخاصة به، أحبط آمال هؤلاء، وسط مطالبات للجهات المانحة بعمل اللازم للحيلولة دون انتشار الوباء الخطير.

وطالبت وزارة الصحة كافة الجهات بتدارك خطورة نفاد المواد المخبرية في المختبر المركزي قبل توقفه تمامًا عن فحص العينات المشتبه بإصابتها بـ"كورونا".

 

المصدر / فلسطين أون لاين