يجذب المحتوى المتميز لبعض الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي أعدادًا كبيرة من المتابعين، فيصلوا في بعض الأحيان إلى الملايين، مما يحتم على صاحب الحساب أن يتبع أسلوبًا معينا في عرض محتوى صفحته، ويضعه أمام مسؤولية تتناسب مع عدد المتابعين.. فهل يكون عدد المتابعين الكبير قيدًا على مستخدم موقع التواصل ويفرض عليه أسلوبا خاصا في تحديد محتوى منشوراته وطريقة عرضها؟.. هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:
الصبر والتحقق
الشاب أحمد النفار (33 عامًا) يتابع حسابه على "فيس بوك" 330 ألف مستخدم، ويدير صفحة إخبارية، قال لـ"فلسطين": "تقع مسؤولية كبيرة على عاتق كل شخص يتابعه عدد كبير على مواقع التواصل، وتتمثل هذه المسئولية في كيفية الحفاظ على المصداقية وعدم نشر أي خبر إلا بعد التأكد من صحته".
وأضاف أنه كلما زاد عدد المتابعين زادت المسئولية، وخصوصًا في الفترة الأخيرة بعدما احتلت صفحته الإخبارية المستوى الثالث فلسطينًا في مجال الاخبار العاجلة المتعلقة بالشأن الفلسطيني، بالإضافة إلى بعض الأخبار العربية.
ويسعى من خلال حسابه الخاص، وصفحته الإخبارية إلى إحداث تغيير في الناس، خاصة أنهم يعتمدون بصورة كبيرة على الإعلام الجديد في الحصول على الأخبار بسهولة، وهذا يتطلب منه أن يكون على معرفة بكل ما هو جديد لإرضاء هذا العدد الكبير والمتزايد.
ونوّه النفار إلى أن أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها من لديه عدد متابعين كبير، خاصة إن كانت منشوراته إخبارية، الصبر والتحقق من الخبر قبل النشر.
ثقة المتابعين
هدى نعيم التي تعمل في مجال الصحافة والتصوير، تجاوز عدد متابعيها 7400 مستخدم، قالت: "أن يكون للمستخدم عدد كبير من المتابعين، وجلهم لا يعرفونه بشكل شخصي، فهذا يحتم عليه اتّباع طريقة مختلفة في إدارة حسابه، فهناك من يثق به ويتابع كل ما يكتبه، لذا لا بد من الانضباط، والبعض يتابع بغرض اقتناص الفرصة للمواجهة والاختلاف وإثارة المشاكل".
وأضافت لـ"فلسطين": "عندما يكون لديك جمهور واسع ويشمل فئات مختلفة وتظهر لهم تحت مسمى محدد، فأنت مطالب بأن تكون على قدر هذا الاسم، لتكسب ثقة الجمهور وتحظى بمتابعتهم، والشخصيات المؤثرة في المجتمع تتقيد بقواعد مهمة لتحافظ على تأثيرها، فمثلًا كصحفية من الواجب أن تكون لديّ معلومات جديدة، وأن أكون على اطلاع بكل جديد، وأن أكتب بحيادية أكثر، لكي أخاطب عقول الناس من خلال عواطفهم، وبذلك يمكن امتلاك لغة التأثير".
وتابعت: "لا يحق لصاحب المتابعات الكبيرة أن يتصرف مثل من هم في جيله، أو أن يتحدث عن أموره الشخصية، فجمهوره ليس معنيًّا به كشخص، بقدر اهتمامه به كشخصية معروفة، وبالتالي تعليقاته وردود فعله يجب أن تكون محسوبة، لأنه يمثل وطنا ودينا ومهنة".
وبيّنت نعيم أن الشهرة في العالم الأزرق ليست سهلة، ولكن الحفاظ على هذه الشهرة وعلى ثقة الجمهور هو التحدي الحقيقي، فمثلا كوني صحفية فإن جل منشوراتي إعلامية، وفيها تركيز على القضايا الوطنية والسياسية، وإن أردت إدخال بعض التغير إلى منشوراتي أتطرق إلى بعض قضايا التنمية البشرية.
ولفتت إلى أن جمهورها تكوّن بعد تغطيتها للحروب التي شنها الاحتلال على قطاع غزة، خاصة أنها تسعى للبحث عن زوايا خاصة، "فالنفس البشرية تحب الفضول ومتابعة كل ما هو جديد، ولذا أحاول الابتعاد عن نظام الأخبار بقدر اعتمادها على نظام التغطية الخبرية المدعمة بالقصص والمادة المصورة بأسلوب الإعلام الجديد"، على حدّ قولها.
وترى نعيم أنه من الأفضل الابتعاد عن الجدال مع المعلقين خاصة إن كان في تعليقاتهم إساءة، موضحة: "لا تنجر إلى ما ينجر إليه بعض النشطاء، فلا بد من الحفاظ على أسلوب معين ولغة وشخصية خاصة في الكتابة، ولابد من أن يظهر الإنسان بثوب واحد دون تلون، فيكون صاحب موقف ومبدأ".
العمود الفقري
وفي السياق ذاته، قال مدرب المهارات الحياتية محمد أبو القمبز: "مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على متابعيها، ويرجع هذا إلى طبيعة المحتوى الذي يُعرض عبر الصفحات، فهي تجذب المستخدمين لهذه المواقع وتُحدث تفاعلًا كبيرًا على مستوى الصفحة".
وأوضح في حديثه لـ"فلسطين" أنه من الجيد أن يحدد المستخدم طبيعة المحتوى الذي يرغب بإنشائه، والتركيز عليه ليتمكن من إحداث النجاح الذي يصبو إليه، فيصنع برنامجًا يطرح من خلاله رسالته، خاصة أن لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي أهدافا مختلفة من استخدام هذه المواقع، كزيادة عدد المتابعين، والتسويق للشخص نفسه، أو لمنتج معين، والعمل على التواصل مع فئات مختلفة.
وبيّن أبو القمبز: "الركيزة الأساسية التي يجب أن يعتمد عليها مستخدم موقع التواصل الاجتماعي هي المحتوى، فهو بمثابة العمود الفقري لحسابه، وعند كتابة المحتوى لابد من مراعاة عدة معايير، منها تحديد الهدف، وأن يكون ملائمًا للجمهور المتابع".
ونوه إلى ضرورة اختيار وقت الذروة للنشر، وألا يتجاهل صاحب الحساب الجمهور المتفاعل، وأن يختار القضايا التفاعلية، مع الاطلاع الدائم على القضايا الجديدة والتي تهمّ متابعيه، ويتلاشى طرح القضايا الشخصية، والعمل على استخدام المزايا الجديدة التي توفّرها هذه المواقع.