ينظر الإسرائيليون إلى توقيع الاتفاقيات مع الإمارات والبحرين على أنه مؤشر إلى أي مدى تم دفع القضية الفلسطينية عن الأجندة العربية، رغم أنها لا تزال قائمة، لكن في ظل أنه لا توجد مفاوضات، والمستوطنات تنمو، والأفق السياسي غير موجود بالفعل، والوضع الاقتصادي صعب، والكورونا تضرب الضفة الغربية، فإن قراءة في الواقع الفلسطيني عشية هذه الاتفاقات يبدو أمرًا ملحاً ولازماً.
في الوقت ذاته، لا يتعين على إسرائيل الاحتفال بسرعة عقب اتفاقيات التطبيع مع الإمارات والبحرين، رغم أنهما بداية لتأثير الدومينو الذي قد يدفع الدول الأخرى لتوقيع اتفاقات مشابهة مع إسرائيل، مثل عُمان والسعودية والمغرب والسودان، وليس من المستحسن التسرع بإجراء اتصالات مع النقابات المهنية العربية، فالعلاقات ستظل باردة، لأن الرأي العام العربي معادٍ جدًا لإسرائيل، بسبب الدعاية المعادية لها التي قادها الإسلاميون.
السؤال الذي يطرحه الإسرائيليون: ما الذي يعتزم الفلسطينيون فعله الآن، في ظلّ أنّ الرئيس محمود عباس لا يؤمن بأي نوع من التصعيد العسكري، والاتجاه السائد في السلطة الفلسطينية هو الانتظار، حيث ترى أن الانتخابات الأمريكية تلوح في الأفق في أقل من شهرين، مما يدفعها للتفاؤل بشكل عام.
الرؤية القائمة في السلطة الفلسطينية، وفق التقييم الإسرائيلي، أنه إذا فاز جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، فيتوقع حدوث تغيير حقيقي في السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، أما إذا تم انتخاب ترامب، فلن يكون لديه الكثير ليقدمه لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، وهناك احتمال آخر أنه في فترة ولاية ترامب الثانية، قد يكون أكثر حرية من الاضطرار للتفكير بعوامل قاعدة دعمه الإنجيلي.
الاحتمال الضئيل من وجهة النظر الإسرائيلية، أن ترامب في ولايته الثانية سيتخذ إجراءات أكثر صرامة ضد الفلسطينيين، وبالتالي، بحسب أبو مازن، فإن الوقت يلعب لصالحهم، ومع ذلك فإنّ أي خليفة يخوض الانتخابات الرئاسية، أو يتم تعيينه رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية قد يجد نفسه في مواجهة انهيار عندما يتعلق الأمر بالرأي العام.
الفلسطينيون لا يخفون إحباطهم من السلطة الفلسطينية، ولذلك فإنّ السؤال الكبير ماذا سيحدث في اليوم التالي في حال حصول تطوّر غير متوقع لعباس، بالتزامن مع القطيعة القائمة مع إسرائيل، والتوتر السائد مع الدول العربية، فهل سنشهد اندلاع انتفاضة ثالثة أو ربما انتخابات رئاسية فلسطينية، مع وجود احتمالات بأن يفوز مرشّح حماس، لأن فتح منقسمة ومتضاربة، ولا يبدو أن هناك مرشحاً واحداً للرئاسة باسم الحركة.
ترى المحافل الإسرائيلية أنّ هذا الانقسام بين أصوات فتح سيفتح الطريق لانتصار مرشح حماس، كل ذلك يعني أن السلطة الفلسطينية باتت أكثر هشاشة، وعدم استقرار من أي وقت مضى، وهذا أبعد ما يكون عن خدمة مصالح إسرائيل.