بعد أسابيع على تفشي فيروس كورونا داخل قطاع غزة، خرجت وزارة الصحة لتدق ناقوس الخطر أمام الجهات المعنية لتدارك أزمة نفاد المسحات الطبية والمواد التشغيلية الخاصة بالجائحة خلال أيام معدودة، في ظل استمرار حالة حظر التجوال بين المناطق.
ولا تزال الجهات الحكومية تفرض حالة حظر التجوال بين محافظات القطاع، بهدف السيطرة على الحالة الوبائية المنتشرة داخل المجتمع، إضافة إلى تشديد الإجراءات خاصة في المناطق التي تُعد مصدراً للوباء.
وتراهن الجهات الحكومية على وعي المواطنين وضرورة الالتزام في إجراءات السلامة والوقاية التي أقرتها وزارة الصحة، للحد من انتشار الفيروس بصورة أكبر، وترافق مع ذلك سلسلة من الحملات التوعوية لحث المواطنين على ضرورة عدم الاستهتار والتراخي في الالتزام بإجراءات السلامة.
وحذر مدير دائرة المختبرات المركزية في وزارة الصحة د. عميد مشتهي، من أن نفاد المسحات الطبية والمواد التشغيلية لأجهزة استخلاص الحمض النووي الخاص بفيروس كورونا سينعكس سلباً على المواطنين خاصة المصابين بالفيروس.
وقال مشتهى: "لدينا عجز بنسبة 95% في كافة أصناف المخزون الاستراتيجية للمختبرات في القطاع".
وأوضح مشتهى لصحيفة "فلسطين": أن المختبر المركزي الخاص بفحص كورونا يعاني نقص شديد في المواد التشغيلية الخاصة بالفحص، منبّهاً إلى أن رصيد المواد التشغيلية لأجهزة استخلاص الحمض النووي يكفي في أحسن الأحوال لـ 48 ساعة فقط.
وفيما يتعلق بالمسحات الطبية الخاصة بجمع العينات من المرضى، والكلام لمشتهى، فعددها قليل جداً، ولا تغطى سوى 5 أيام بحد أقصى، لافتاً إلى أن المواد والمستهلكات الخاصة بإجراء الفحص تكفي لأسبوع فقط.
وبيّن أن المختبر المركزي بحاجة ماسة لأجهزة إضافية، خاصة المتعلقة باستخلاص الحمض النووي والـ (PCR)، التي تساهم في مواكبة أي زيادة محتملة في أعداد الإصابات، بالإضافة لرفع القدرة الانتاجية لعدد الفحوصات.
ونبّه إلى جميع المختبرات في مستشفيات القطاع وخاصة "غزة الأوروبي، والصداقة التركي" المخصصين لعلاج مرضى كورونا، تعاني من أزمة في المواد التشغيلية لأجهزة غازات الدم الضرورية لمرضى كورونا، والمواد الكيميائية والفيروسية ونسب الأدوية في الدم وكافة الفحوصات اللازمة لكورونا.
وأشار إلى أن الحصار المستمر على القطاع منذ 14 سنة، أثّر سلباً على أجهزة المختبرات بشكل عام، وأدى إلى تهالك معظمها، فأصبحت بحاجة إلى قطع غيار يُمنع إدخالها للقطاع، "لذلك يجب احضار أجهزة جديدة تعزز العمل داخل المختبرات".
وأضاف مشتهى "نخشى أن نصل للحظة نتوقف فيها عن إجراء الفحوصات بشكل كامل"، مناشداً الجهات المعنية والداعمين للقطاع الصحي بتوفير الاحتياجات الخاصة بجائحة كورونا، من أجل تخطي هذه المرحلة الخطيرة بسلام.
وأوضح أن استمرار نقص المواد المخبرية ينعكس بشكل خطير على المواطنين خاصة مصابي كورونا سيّما المتواجدين في المشافي وتحديداً "غزة الأوروبي والصداقة التركي"، مشيراً إلى أن وزارته تتواصل مع حكومة رام الله ومنظمة الصحة العالمية لوضعهم في صورة الحالة الوبائية في القطاع.
وتابع "هناك تعاون نوعاً ما من تلك الأطراف، لكننا بحاجة إلى ردة فعل قوية وعاجلة لمواكبة الحالة الوبائية المتطورة بسرعة في القطاع"، داعياً المواطنين لعدم الاستهتار والالتزام في إجراءات السلامة والوقاية، من أجل مساعدة وزارة الصحة على القيام بمهامها لحصر الوباء.
التدرج الحذر
وقال رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف، إن الجهات الحكومية تنتهج سياسة التدرج الحذر في إجراءاتها المتعلقة بتشديد الحركة أو تخفيفها، وفقاً للحالة الوبائية في كل منطقة على حدة.
وأوضح معروف لصحيفة "فلسطين"، أن بعض المناطق لا تزال تشهد تقييداً مشدداً للحركة كونها تُشكل بؤراً لتفشي الوباء، في حين جرى التخفيف عن مناطق أخرى وفتح المحلات التجارية وفقاً لضوابط السلامة، بسبب انخفاض منحنى الإصابات فيها.
وأشار إلى بعض المناطق التي جرى تشديد الإجراءات فيها مثل شارع الرشيد الساحلي، حيث تسعى أجهزة الشرطة للحد من تنقل المواطنين ومنع تجمعاتهم، إضافة إلى منطقة حي التفاح شرق مدينة غزة التي اكتُشف فيها بؤر إصابات جديدة بعد أن خُففت الإجراءات عنها.
ولفت إلى استمرار تشديد الإجراءات في منطقتين بمحافظة رفح، رغم تخفيف الإجراءات في باقي المحافظة، منوهاً إلى أن العامل الأساسي في تحديد شكل إجراءات الحركة هو منحنى تسجيل الإصابات ومدى انتشار بؤر العدوى.
ونشطت حملات توعوية منذ انتشار كورونا في القطاع، مثل "استهتارك يقتل أحبابك" و"خليك بالبيت"، للمساهمة في رفع الوعي المجتمعي بخطورة عدم الالتزام بإجراءات السلامة والوقاية خاصة على الفئات الهشة.
وعلّق معروف على تلك الحملات بأنها "مُقدرة وتخدم الهدف الذي تسعى الجهات الحكومية لتحقيقه، وهو إدراك المواطن ووعيه بما هو مطلوب منها في هذه المرحلة وكل المراحل".
وختم معروف أن الإجراءات التي تتخذها الجهات الحكومية لن يُكتب لها النجاح بشكل منفرد ما لم تتوجه بتفهم وتجاوب من المواطنين وإدراك طبيعة المسؤولية الملقاة على عاتقهم.