تتابع الأوساط الإسرائيلية من كثب التطورات الجارية على الساحة الفلسطينية، لاسيما عقب التوقيع في البيت الأبيض على الاتفاقات بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين، صحيح أنها لم تنجح في إخراج حشود من الفلسطينيين إلى الشوارع، لكن قيادة السلطة الفلسطينية في مقر المقاطعة غاضبون، ويفهمون أنه يتعين عليهم الآن البحث عن حلفاء جدد، ربما من خلال وحدة فتح وحماس على سبيل المثال.
لا يحتاج الإسرائيليون لمزيد من المصادر المطلعة داخل المقاطعة، كي يدركوا أن هذا المقر، ومن يقيم فيه، يشعرون بالخديعة من الدول العربية، التي سارعت للتطبيع مع إسرائيل، فضلا عن تحوله تدريجيا إلى مقر مهجور، لا يأتيه المزيد من الضيوف، وعند توقيع اتفاقات التطبيع في البيت الأبيض، كان الوضع خلف جدران المقر في غاية الغضب والإحباط.
تتوافق قلة من الإسرائيليين على أن الفلسطينيين شعروا فور توقيع الاتفاقيات الإسرائيلية الخليجية أنهم ضحية هذه التحركات، وقد تعرضوا للأذى والخيانة، وتركوا وشأنهم، مما يتطلب منهم أن يبحثوا عن حلفائهم المستقبليين، بعد الشعور السائد بتخلي العالم العربي عنهم.
ورغم إعلان يوم الغضب في ذات يوم توقيع الاتفاقيات، فقد جرت احتجاجات متواضعة في غزة وجنين ونابلس وبيت لحم وطولكرم ورام الله، مع أنه ذات مرة، اشتعلت النيران في قطاع غزة والضفة الغربية نتيجة لأقل من هذه التطورات السياسية الدراماتيكية، لكن طاقة اليوم ليست كالأمس، وهذه سلبية لا تبشر بالخير بالضرورة.
تدرك المحافل الأمنية والسياسية الإسرائيلية أن الجماهير الفلسطينية غير المبالية بتخلي العالم العربي عنها، فإنها في الوقت ذاته متعبة من الوضع الاقتصادي الصعب، ووباء كورونا، ولكن لعل هناك خطوات تتخذ بين الفلسطينيين، بعضها لا يزال في الظلام، ينبغي أن تهز أجراس التحذير الإسرائيلية.
الحديث الإسرائيلي تحديدا عما تشهده هذه الأيام، من صحوة في علاقات حماس وفتح في قطاع غزة والضفة الغربية، رغم أن عدم الثقة بينهما ما زال قائماً، ومن المشكوك فيه بشدة أن ينظر أبو مازن إلى راية حماس الخضراء دون رد فعل، لكن كأنه اتجه للحركة مضطرا، وهي خصمه العنيد، بعد أن كان يعتبرها، إلى أمد قريب، منافساً خطراً تسعى لتعزيز موقعها في الضفة الغربية على حسابه.
رغم المخاوف المتبادلة، والهواجس الثنائية، فقد أعلنت الحركتان، قبل أيام عن تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للمقاومة الشعبية، في استلهام لتجربة الانتفاضة الأولى، ويبدو أن فتح وحماس تجدان نفسيهما تحت سقف واحد، مما يطرح السؤال: هل يسعى أبو مازن لتغيير المعادلة، وخلق شراكة مصير مع حماس، دعونا ننتظر، رغم الشكوك القائمة، في ظل السوابق الماضية!