تابع الإسرائيليون ما كشفته حماس عن أسرار عسكرية جديدة لم تكشفها من قبل حول طرق تزودها بالأسلحة، وطرح هذا الكشف المفاجئ تساؤلات إسرائيلية حول أسبابه، والرسائل التي أرادت أن ترسلها بهذا التوقيت الحساس، ومدى ارتباطه بتوابع اتفاقيات التطبيع العربية مع إسرائيل، حتى أن الإسرائيليين تساءلوا عن نوعية الأسلحة التي امتلكتها الحركة، وتشكل خطراً عليهم، وهل كشفها يُعد استعداداً لمواجهات عسكرية قادمة.
تدرك إسرائيل أن إعلان حماس طرق تزوّدها بالأسلحة يأتي في وقت خطر تمر به القضية الفلسطينية في ظل التطبيع الجاري مع عدد من دول الخليج والمنطقة عموما، حيث لم يعد خافياً أن حماس تعتمد في خطوط إمدادها على عمقها العربي والإسلامي، كما أن بعض الأهداف الإسرائيلية في مشاريعها التطبيعية تصفية القضية الفلسطينية سياسياً وميدانياً، بما في ذلك تشديد الحصار على المقاومة، وخنق أنفاسها.
لعل حماس أرادت بكشفها معلوماتها السرية توجيه رسالة للجبهة الداخلية الإسرائيلية وجمهور المقاومة في الوقت ذاته، مفادها أنها ليست خائفة من إسرائيل التي دأبت في الآونة الأخيرة على بث رسائل التهديد والتخويف، ويمكن الاستدلال الإسرائيلي على ذلك باستمرار الحركة في تجاربها الصاروخية بين حين وآخر، بصورة شبه يومية، ما يؤكد أنها تعتمد بتطوير بنيتها العسكرية على صواريخها وقذائفها متفاوتة المدى.
تبدي إسرائيل قلقها من قدرة حماس في حروبها الأخيرة، خاصة عدوان 2014، في الحد من تفوقها الجوي، وإحداث شبه شلل داخلها؛ لاسيما وسطها وجنوبها، لأن قذائفها طالت معظم مدنها، ودأبت إسرائيل مؤخرا على بث تقارير تتحدث عن امتلاك حماس وحدات النخبة والقوات الخاصة والغواصين من الضفادع البشرية وسلاح البحرية، ما يُمكِّنها من تنفيذ عمليات إنزال خلف خطوط الاحتلال، وإمكانية استهداف منصات إسرائيل للغاز العائمة في البحر قبالة شواطئ غزة.
تعتقد المحافل العسكرية والأمنية الإسرائيلية أن كشف حماس الأخير يحمل رسائل موجهة بجميع الاتجاهات، مفادها أنها أقوى بكثير مما كانت عليه في حرب 2014، مع أن إسرائيل لديها هذه القناعة، لكن هذا الكشف يعني بلغة الرسائل أن إسرائيل مطالبة بالاستجابة لمطالب رفع حصار غزة، في ضوء امتلاك حماس الجهوزية الكاملة لخوض أي حرب تفرض عليها.
تزامن كشف حماس بعضا من أسرارها العسكرية مع دعوات إسرائيلية لإخضاع صواريخها للمراقبة الدولية، بعد أن حصلت على مجموعة بارزة منها، متفاوتة المدى، وطائرات مسيرة ومدافع هاون، وشيدت أنفاقاً هجومية، ومضادات للطائرات والدبابات والسفن، ومنظومات رادار موجهة للصواريخ، رغم أن السلاح الأكثر خطورة بنظر إسرائيل، وتسعى لنزعه من حماس هو الصواريخ والمدفعيّة، فكلّ ما يطلق عن بعد وعابر للحدود، يخيفها ويقلقها، لأن من شأنه تغيير الوضع الميداني بغزة، والإخلال بالتوازن العسكري مع إسرائيل.