جاءت جائحة "كورونا" إلى قطاع غزة مؤخرًا في أول تفشٍّ محلي للفيروس لتزيد الطين بلةً تزامنًا مع تردي الأوضاع الاقتصادية بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض منذ سنوات طويلة وما تركه من تداعيات خطِرة على الأوضاع الإنسانية في القطاع الساحلي الذي يزيد تعداد سكانه على مليوني نسمة.
وبوصول "كورونا" واكتشاف عشرات الإصابات داخل المجتمع، تداعت عدة أطراف منها وزارة التنمية الاجتماعية وتجمع المؤسسات الخيرية وحركة حماس، إلى مساعدة أسر محتاجة بقسائم غذائية وغيرها من المساعدات المالية.
وأفاد المواطن محمد إبراهيم، من سكان شمال مدينة غزة، بأنه تلقى مساعدة عبارة عن سلة خضراوات جاءت في الوقت المناسب بالنسبة له.
وقال إبراهيم، في الأربعينيات من عمره، إنه يعيل أسرة مكونة من 6 أفراد وليس له مصدر دخل ثابت سوى ما كان يحصله من عمله في البناء.
وأشار إلى أن في ظل الظروف الحالية مع استمرار حظر التجوال ستكون عائلته بحاجة إلى مزيد من المساعدات لسد رمق أفراد عائلته الميسورة.
وقررت الجهات الرسمية تمديد فرض حظر التجوال ضمن إجراءاتها لمنع تفشي الفيروس، وشملت الإجراءات إغلاق بعض المناطق في قطاع غزة، وفصل المحافظات الخمس عن بعضها وحظر التجوال منذ الثلاثاء الماضي.
وتزامن ذلك مع ظروف صعبة يعيشها المواطنون، إذ إن نسبة كبيرة من هؤلاء يحصلِّون قدر احتياج أسرهم يوميًا، وفي حال عدم استمرار عملهم فإنهم لن يجدوا ما يأكلونه، وهذا ما ينطبق تمامًا على حال المواطن عماد زيَّان.
وذكر لـ"فلسطين"، أنه يعيل أسرة قوامها 7 أفراد من بينهم زوجته وأبناؤه.
وكان زيَّان يبيع بعض السلع على بسطة صغيرة في سوق حي الشيخ رضوان بمدينة غزة، لكن تزامنًا مع فرض حظر التجوال أصبح من غير الممكن أن يعود للبيع، مشيرًا إلى أنه تلقى مساعدات غذائية كان لها أثر ايجابي على أسرته الفقيرة.
وكان الفيروس الذي ظهر في الصين نهاية 2019، وصل غزة منتصف الأسبوع الماضي بعد قرابة عام كامل استطاعت الجهات الرسمية ذات الاختصاص الحفاظ على القطاع المكتظ سكانيًا خاليًا منه، وفي وقت سابق حذرت منظمة الصحة العالمية من أن وصول "كورونا" لغزة مسألة وقت.
وكان المكتب الإعلامي لحركة حماس في محافظة خان يونس، جنوبي القطاع، أطلق مؤخرًا حملة "الجسد الواحد"، لتنظيم التكافل وجمع التبرعات لسد حاجة المتضررين من جائحة "كورونا" بالمحافظة.
وفي بيان وصلت "فلسطين" نسخة عنه، ذكر المكتب أن الحملة انطلقت في مناطق المحافظة كافة شعورًا من الحركة بالمسؤولية تجاه أبناء شعبنا الفلسطيني، والفئات الهشة فيه، وعمال اليومية الذين تأثرت أعمالهم في ظل إعلان الحكومة منع الحركة في كافة محافظات القطاع منعًا لتفشي الوباء.
واستطاع القائمون على الحملة جمع التبرعات من أهل الخير وميسوري الحال، وتجهيز الطرود الغذائية وسلال الخضار لإيصالها للمحتاجين والمعوزين في المحافظة.
ووفق إحصاءات رسمية، فإن 54 بالمئة من الأسر بغزة فقيرة، في حين تصل نسبة البطالة لـ52 بالمئة، في حين يقبع 95 بالمئة من الصيادين الذي يقارب عددهم 4 آلاف، تحت خط الفقر.
وقال مدير عام تجمع المؤسسات الخيرية في غزة م. إيهاب الغصين، إن القطاع يمر بأزمة جديدة نتيجة جائحة "كورونا" علاوة على الأزمات التي يعيشها المواطنون، مشيرًا إلى أن الأسر الفقيرة وصل عددها لـ220 ألف أسرة، تعيش على العمل اليومي أو مساعدات الشؤون الاجتماعية والمنح الخارجية.
وأضاف الغصين في تصريحات صحفية: في ظل الحصار الإسرائيلي الدائم منذ سنوات عديدة تأتي أزمة كورونا لتزيد الصعوبات على أصحاب العمل اليومي والفقراء، في ظل قرار الجهات الرسمية فرض حظر التجوال ضمن إجراءات حماية المواطنين من الفيروس.
وذكر أن عمل تجمع المؤسسات الخيرية تضاعف في هذه الأيام لتقديم المعونات الاغاثية العاجلة للفقراء والمحتاجين لتعزيز صمود المواطنين أمام الاحتلال الذي يفرض حصارًا مشددًا تسبب بتداعيات خطرة على أوجه الحياة بغزة.
وأشار إلى أن المؤسسات الخيرية تتعرض لضغوط وتضييق كبير من الاحتلال الإسرائيلي.
من جهته قال وكيل وزارة التنمية الاجتماعية بغزة د. غازي حمد، إن الأطراف المعنية بغزة تقوم بجهد كبير لتقديم المساعدات للمواطنين، لكن لا شك أن هناك الكثير من النواقص التي يحتاج إليها قطاع غزة الذي بأمس الحاجة لدعم المكونات الأساسية وكذلك المواطنين في مواجهة جائحة "كورونا"، وخاصة الفئات الفقيرة والمهمشة.
وأضاف د. حمد أن هذه الفئات تحتاج إلى تدخل سريع ومساعدة في ظل تعطل الحياة والعديد من الحرف والمهن التي كان يعتاش منها المواطنون، ولذلك نوجه مناشدة عاجلة إلى المؤسسات والجمعيات والمحلية والدولية لتقديم المساعدات العاجلة لهؤلاء وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم.