منح الاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات فرصة للإسرائيليين لأن "يشمتوا" بالفلسطينيين، لأن أشقاءهم تجاوزوهم، ووقعوا اتفاقات سلام مع الاحتلال، قبل إيجاد حل عادل القضية الفلسطينية، يعيد الحقوق لأصحابها.
يزعم الإسرائيليون أنه بعد الاتفاق مع الإمارات، سيكون بإمكان الفلسطينيين أن ينتظروا طويلا لإنهاء الصراع مع إسرائيل، حتى لو استغرق الأمر وقتاً طويلا، بعد أن اعتقدوا أنه كلما طال الانتظار، فسيكسبون المزيد من الإنجازات، لكن الاتفاق مع الإمارات أثبت أن الوقت لا يخدمهم، في ظل الإجماع الإسرائيلي على أنه مفيد لهم.
مع أن "شعار "السلام مقابل السلام" الذي قام على أساسه اتفاق إسرائيل والإمارات، ليس دقيقا، لأنه لم يكن لديهما صراع على الأرض والحرب، والاتفاق يعني أن الإمارات وضعت القضية الفلسطينية جانباً لتعتني بنفسها، مما يؤكد أن الوقت بات ملائما ومتاحا لإسرائيل لأن تستفيد من علاقاتها بالدول العربية "المعتدلة"، حتى من دون الفلسطينيين.
إن الاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات يحمل العديد من المضامين من وجهة النظر الإسرائيلية، من أهمها أنه بعد 25 عامًا من عدم قدرة القيادة الفلسطينية على بناء دولة، فقد مني الفلسطينيون بانخفاض كبير في مكانتهم الدولية، وقد يفقدون كل شيء في النهاية، على حد الزعم الإسرائيلي.
لا يعني الاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات أن يكون بإمكان إسرائيل إقامة المشروع الصهيوني من النيل إلى الفرات، والتخلص من ملايين الفلسطينيين، الذين لن يتبخرون من الجغرافيا والتاريخ، رغم إزاحة قضيتهم الوطنية عن جدول الأعمال العربي الرسمي، لأن الفلسطينيين يواصلون العيش هنا، وفي النهاية سيتعين على إسرائيل التوصل إلى حل معهم يتم التوافق عليه.
منح الاتفاق الإسرائيلي الإماراتي منح "عرابه" نتنياهو الحق الحصري باختراق العواصم العربية، مما يعني أن العمل الجماعي الإسرائيلي قد تآكل، لأنه عندما تكون الحملات الانتخابية بلا نهاية، يكون الفضل في ظهور كل شيء لشخص واحد، والإسرائيليون يركزون فقط على تنافس نتنياهو وخصومه، بدليل أنه حين توصل الى الاتفاق مع ترامب وابن زايد، أبلغ شركاءه في الائتلاف غانتس وأشكنازي، من باب الإشعار وليس التشاور.
كما أن الاتفاق الإسرائيلي مع الإمارات لم يخرج تل أبيب من ورطتها السياسية الداخلية، في ظل عدم قدرتها على السيطرة على أزمة كورونا، لأنه في أي لحظة يتم تلاعب جديد بين أقطاب الحلبة السياسية والحزبية ، أو محاولة ابتزاز غير مكتوب في اتفاق التحالف بين حزبي الليكود وأزرق-أبيض، مما يؤكد أن إسرائيل تدار مثل سفينة تمر في اضطرابات شديدة من قبل من يفترض أن يبحروا بها، رغم الابتسامات الموزعة بين تل أبيب وأبو ظبي!