أغنية الحلم العربي التي شدت الملايين بعدد الفنانين العرب المشاركين فيها، وبالأداء الجماعي الرائع، الأغنية التي كتبها الشاعر المصري مدحت العدل، ولامست وجدان الشعوب العربية، بكلماتها التي تقول:
أجيال ورا أجيال هنعيش على حلمنا
واللي نقوله اليوم محسوب على عمرنا
جايز ظلام الليل يبعدنا يوم إنما
يقدر شعاع النور يوصل لأبعد سما
ده حلمنا، طول عمرنا حضن يضمنا كلنا، كلنا
تلك الأغنية النابضة بوحدة الشعور العربي التي خرجت للنور سنة 1998، لم تنتشر وتزدهر إلا مع انتفاضة الأقصى سنة 2000، فالانتفاضة الفلسطينية أيقظت الحس القومي، وأشعلت الروح في جسد الأمة الهامد، فانتعشت هذه الأغنية، وصارت واجهة كل الفضائيات، وقد خص منتجها أحمد العريان بالشكر دولة الإمارات العربية المتحدة متمثلة بهيئة الإذاعة والتلفزيون، التي ساهمت في تزويد منتج الأغنية بالمواد الأرشيفية.
مساهمة الإمارات العربية بالمطربة أحلام، ورعايتها للأغنية تؤكد أن دولة الإمارات كانت عربية وطنية حريصة على نصرة الأمة حتى سنة 2000، فما الذي جرى لدولة الإمارات بعد ذلك؟ ومتى بدأ الانحراف في انتمائها العربي؟ وما الذي غير مسار هذه الدولة العربية، وانتقل بها من فضاءات الولاء للشعوب العربية إلى دهاليز التآمر على تطلعات الأمة؟
لم يكن استشهاد محمود المبحوح بداية يناير 2010 هو المؤشر على بداية انغماس الإمارات في الرذيلة، حين تغافلت عن رجال الموساد الذين ذبحوا الرجل في عز الظهيرة، ليخرج علينا مدير الشرطة ضاحي خلفان بلغة العتاب لإسرائيل التي لا خلاف لها ولا مشاكل مع الإمارات كما قال في حينه، وإنما خلاف إسرائيل ونزاعها مع الفلسطينيين، وتلك كانت رسالة تبرئة من قضية العرب الأولى، ورسالة ود وحنان للقتلة الإسرائيليين.
كانت تصفية المبحوح نتاج صفقة، وهذا ما ذكرته وسائل الاعلام الإسرائيلية قبل أيام، حين أكدت أن رأس المبحوح كان مقابل صفقة أسلحة نوعية قدمتها إسرائيل لدولة الإمارات.
فكيف انتقلت الإمارات من الحلم العربي إلى الحلم الصهيوني؟ وكيف انتقلت الإمارات من قمم الشرف إلى مستنقعات الرذيلة؟ ومن الذي رسم معالم الطريق للإمارات لتعلن عن بناء المعبد اليهودي في العاصمة الإماراتية أبوظبي قبل عام، ضمن بيت العائلة الإبراهيمي الذي سيضم كنيسة ومسجداً وكنيساً يهودياً تحت سقف واحد، ليكون عنواناً للتسامح الديني كما قالوا؟ لتظهر الحقيقة بأنه عنوان للتطبيع وللتعاون الأمني بين الموساد الإسرائيلي وحكومة الإمارات.
فمن الذي جر الإمارات من أنفها، وأفسد هواءها، وأخلف قبلتها السياسية من الحلم العربي إلى الحلم الصهيوني، وانتقل بالإمارات من نبض الأمة الرافض للاحتلال إلى نتوء الأمة المغمس بالانحلال؟ ومن الذي نزع خمار الإمارات عن وجهها، وحولها من فتاة طاهرة عفيفة، تغار على شرفها العربي، وتغتسل بماء الكرامة، لتصير مهبط الأطماع الإسرائيلية؟
نطرح ما سبق من الأسئلة ونحن نعرف أن الأفكار والقناعات السياسية لا تنتقل في الفراغ، ولا تسربها إلى القلوب إلا نفوس آمنت بالفكرة، وحشرتها في عقول الآخرين، فالخائن لا يخون إلا بدليل ومرشد، فمن هو المرشد الروحي الذي وسوس في رأس المراهق السياسي محمد بن زايد، وأرضعه المعلومة الكاذبة بأن الموساد الإسرائيلي قادر على كل شيء؟
من هو؟