فيما يتراوح الوضع الأمني على حدود غزة بين تصعيد تدريجي وهدوء مؤقت، تبدي الأوساط الإسرائيلية قناعة بأنها لن تتسرع في عملية عسكرية في ذروة أزمة صحية واقتصادية وسياسية، مع أن الأمر يحتمل زيادة الضغط على حماس، دون خوض معركة واسعة.
في الوقت ذاته، هناك من بين المسؤولين الإسرائيليين من يريد أن يخبر سكان غزة، وربما مستوطني الجنوب بأسره، أن البالونات الحارقة وإطلاق الصواريخ سيستمران لبعض الوقت، فقد يستغرق الأمر أيامًا، وربما أسابيع، لأن حماس غير مستعدة لتغيير مواقفها، وإسرائيل لا تريد التصعيد خلال فترة كورونا، وربما عشية الانتخابات، مع أن جميع الافتراضات الأخرى تهدف للتغطية على حقيقة أن إسرائيل ليس لديها حاليًا حل للوضع في غزة، حتى لو خضعت لجميع مطالب حماس.
مطالب الفلسطينيين في غزة أن يتم إنقاذ الوضع المعيشي من حالة الانهيار الحاصلة، بعيدا عن المسكنات المؤقتة بين حين وآخر، بما فيها زيادة عدد العمال المسموح لهم بدخول فلسطين المحتلة لـ100 ألف، وتوسيع مساحة الصيد لـ20 ميلًا بحريًّا، وتنفيذ مشاريع لتخفيف الوضع الاقتصادي، وتقليص البطالة في قطاع غزة، وإنشاء خط كهرباء جديد لها، وفتح معبر كرم أبو سالم للبضائع بشكل مستمر، بجانب فتح معبر رفح أمام الأشخاص والبضائع.
الأمن الإسرائيلي ما زال على موقفه بمعارضة دخول 100 ألف عامل فلسطيني لإسرائيل، بزعم أنها خطوة تشكل خطرًا أمنيًّا لا تستطيع دولة الاحتلال تحمله حاليًا، كما أن حرية حركة البضائع في معبر كرم أبو سالم، قد تشكل مشكلة بالنسبة لإسرائيل، بزعم استفادة الفصائل من بعض المواد الموردة لتصنيع الأسلحة، لكن في المحصلة ليس لدى حماس ما تخسره حاليًا، لذا فهي غير مستعدة للتحلي بالمرونة، على الأقل وفق الرؤية الإسرائيلية.
تعتقد إسرائيل أن حماس لا تخشى أن تتعرض غزة لهجوم عسكري كبير، وتفهم كذلك أن اغتيالات مستهدفة واسعة النطاق أمر غير وارد بالنسبة لإسرائيل، رغم تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لذا فإن قيادة الحركة تواصل حملة ضغوطها ضد إسرائيل، التي تدمر بين حين وآخر عددًا لا بأس به من مواقع المقاومة في غزة في قصفها المتقطع، وتفضيلها الرد على البالونات الحارقة باستهداف نقاط المراقبة في المنطقة القريبة من السياج بمساعدة الدبابات.
صحيح أن الهجمات الإسرائيلية تلحق أضرارًا كبيرة بالمقاومة، لكن الأخيرة وضعت لنفسها أولوية، وهي على استعداد لخسارة بعض المواقع المهمة بشرط تلبية مطالبها، بكلمات أخرى، وفق الرؤية الإسرائيلية فإن حماس تعمل بكل ما للكلمة من معنى، وتقدر أن البندقية التي تصوبها إسرائيل تجاهها خالية من الرصاص.