يأتي التطبيع مع العدو الصهيوني من قبل البلدان العربية ليضيف إليها المزيد من الهزائم والنكبات مع الشعور الدائم بالنقص وضعف الشخصية التي لا تعتز بدينها وعروبتها وقيمها التي تربينا عليها منذ القدم وحتى اليوم.
وهذه النكبة التي نمر بها اليوم مصدرها الأول والوحيد هو حكامها وليس شعوبها.. فالشعوب العربية مغلوبة على أمرها، ولا تستطيع الحراك والذود عن قضاياها المصيرية لسبب واحد لا ثاني له وهو تغييب الحياة البرلمانية والانتخابية عن الرأي العام، حيث ما زال الحاكم العربي هو الذي يخطط وينفذ قراراته دون أخذ رأي شعبه في كل ما يقرر.
والعامل الآخر في رأيي أن الشعوب العربية ما زالت تقبع تحت الديكتاتورية مع انتشار الفساد وتغييب الحريات داخل المجتمع العربي.. الأمر الذي جعل من هذه الشعوب لقمة سائغة لدى من يتربص بها.. ولعل حصار قطر في 5 يونيو 2017 أبرز الأمثلة الحية على تآمر الجار على جاره محاولة منه في غزوه والاستيلاء على خيراته مهما كلف الثمن.. خاصة أن دول الحصار لديها بعض الطموحات في التوسع الجغرافي على حساب استقلال الدول مع تكوين امبراطورية تتولى السيطرة على الخليج وباب المندب ومن ثم الهيمنة على مقدرات بقية الدول العربية وغير العربية في آسيا وأفريقيا.. والسيناريو لم يكتمل بعد!.
وعندما نتحدث عن الجامعة العربية التي تأسست سنة 1945 م، فإن الحديث عن هذه المؤسسة ما زال "يكسر الخاطر أو يعور القلب" كما نقول باللهجة الدارجة، حيث ولدت ميتة وستبقى ميتة إلى الأبد بسبب هيمنة القرار المصري أولاً والسعودي ثانياً عليها، فهي "لا تهش ولا تنش"، وستبقى قضايانا القومية تذهب مع الرياح، وغداً ستجتمع هذه الجامعة البائسة وتخرج علينا بقرارات هشة كعادتها قد يبدو في صياغتها رفض للتطبيع مع العدو الإسرائيلي ولكن في باطنها تؤيد أي خطوة نحو الهرولة للتطبيع مع أعداء الأمة وبكل وقاحة، وسيكون أمينها العام غير المؤتمن "أبو الغيط" أول المطبلين للتطبيع بتصريحاته التي نعرفها مقدماً قبل أن تظهر إلى النور!.
ولذلك فإن كافة الشعوب العربية والإسلامية ستبقى وفية لفلسطين وللقدس، شاء من شاء وأبى من أبى، ومن الواضح أن الإسراع بمثل هذا التطبيع في هذا التوقيت بالذات يأتي لخدمة الانتخابات الأمريكية وتحقيق أجندة واضحة ليس عليها أي غبار، فالتعاون الإسرائيلي العربي كان وما زال قائماً منذ عقود وفي الخفاء، وستكشف الأيام القادمة حقيقة ما نقول، فالولاء العربي للصهاينة هدفه القضاء على الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته وبيع القدس بأبخس الأثمان.. ومن ثم تمرير "صفقة القرن" لصالح الأعداء!.
ومن المخجل أن يخرج علينا أصحاب النوايا الخبيثة بقولهم: إن التطبيع مع الإسرائيليين هدفه الحفاظ على عدالة القضية وعدم توطين وضم المزيد من المستوطنات لصالح اليهود، وهي – لا شك - لعبة سياسية باتت مكشوفة هدفها التنصل من القضية الأولى للأمة.
كلمة أخيرة:
ليفعل الخونة ما يشتهون، طال الزمان أو قصر، ولكن الله بالمرصاد.
يقول الشاعر:
إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي.. ولابد للقيد أن ينكسر