في الوقت الذي يعدّ فيه الإسرائيليون أن التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة تطور كبير، لكنه يطرح تساؤلات عن مستقبل علاقتهم مع السلطة الفلسطينية، صحيح أن الاتفاق مع الإمارات خطوة دراماتيكية ذات إمكانات إقليمية واقتصادية هائلة لإسرائيل، لكن السؤال هو كيفية الاستفادة منها في المشكلة المهمة خارج الخط الأخضر مع الفلسطينيين.
على الصعيد الداخلي، يتيح تطبيع العلاقات مع الإمارات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو انحدارًا نسبيًا من شجرة فكرة الضم، التي ثبت منذ البداية أنها صعبة التنفيذ، وفرضت على إسرائيل ثمناً على عدة مستويات دون أن تتحقق فعلياً، ورغم انتقادات اليمين، فإن هذه الخطوة ستلقى الإشادة من قبل العناصر السياسية الأخرى في إسرائيل، التي ينظر إليها بشكل إيجابي من قبل الجمهور الإسرائيلي المنهمك بكورونا والاقتصاد المتهاوي.
لكن المشكلة الإسرائيلية التي لم يتم حلها حاليا رغم الانفتاح على الإمارات وسواها من دول الخليج، هي الأزمة الحادة مع السلطة الفلسطينية، التي تدير علاقات إشكالية مع الإمارات على خلفية دعمها لمحمد دحلان، المنافس اللدود لأبو مازن، حيث نظر الفلسطينيون لتطبيع العلاقات كإهانة شديدة، باعتباره نجاحا إسرائيليا في الاستراتيجية القائلة بأن التطبيع مع العالم العربي يمكن تعزيزه حتى بدون تسوية كاملة مع الفلسطينيين.
أظهر اتفاق الإمارات وإسرائيل معضلة السلطة الفلسطينية، فرغم أن خطة الضم بدأت تتلاشى، لكن الطريقة التي تم بها ذلك يصعب على الفلسطينيين هضمها، مما يؤكد أن الجانبين أمام مرحلة حساسة، وقد يتعين فيها على إسرائيل إظهار التواصل مع السلطة التي تضعف يوما بعد يوم في ظل الأزمة المستمرة.
ربما تحاول إسرائيل العمل على جميع المستويات العلنية والسرية، وعبر جميع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية من أجل غرس الفهم لدى السلطة الفلسطينية بأن قضية الضم قد أزيلت من جدول الأعمال، وإقناعها بالعودة للتنسيق الكامل معها، والموافقة على تلقي أموال الضرائب، وفي المستقبل ضرورة أن تدرس إسرائيل كيفية تعميق نفوذ الإمارات في الساحة الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية بالترويج لمشاريع مدنية واسعة النطاق.
مع العلم أنه من دون تحييد الأزمة الحادة مع السلطة الفلسطينية، فإن الإنجاز الدراماتيكي لإقامة علاقات مع الإمارات ستكون له عواقب محدودة، وستستمر إسرائيل في مواجهة "تهديد دائم" من ساحتها المباشرة، ويرجع ذلك إلى احتمالية تصاعد المقاومة في الضفة الغربية، واحتمال أن يؤدي ضعف السلطة المتزايد لدفع إسرائيل لممارسة سلطات مدنية واسعة في الضفة الغربية، وهو وضع يقترب تدريجياً من سيناريو الدولة الواحدة، وهذا ما لا تريده، ولا تسعى إليه، إسرائيل، بشكل كامل.