أثار الإعلان التاريخي لنتنياهو حول اتفاقه مع الإمارات، ردود فعل سياسية منقسمة بين مؤيد ومعارض، فقد يدفع ثمن خيبة أمل معسكر اليمين، بسبب خرقه لوعده لهم بضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، فيما يبدو من السابق لأوانه معرفة تأثير ذلك على سلوك شريكه بيني غانتس، وأثره على الأزمة السياسية المستعصية.
لقد أحدث هذا الإعلان التاريخي مع الإمارات هزة للخارطة السياسية الإسرائيلية، التي انقسمت بين نعم ولا، فما تم إعلانه حدث غير عادي، وأهم تبعاته أن نتنياهو منح ناخبيه بمعسكر اليمين وعودًا لا حصر لها بحدوث فرصة تاريخية للسيادة والضم، وتعهد بحملتين انتخابيتين بتطبيق القانون الإسرائيلي في غور الأردن والضفة الغربية، لكن أحلام المستوطنين اصطدمت بأرض الواقع.
يمكن لليمين الإسرائيلي الذي خاب أمله من خرق وعد نتنياهو الانتخابي أن يتماهى الآن مع غالبية ناخبي أزرق-أبيض، الذين عاشوا نفس التجربة قبل أشهر فقط، عندما تخلى غانتس عن التزامه بعدم الجلوس مع نتنياهو، لكنه انضم للحكومة التي يقودها، ومعًا، يمكن للخائبين من المعسكرين إقامة حزب من المخدوعين بقيادتيهما.
مع العلم أن أحلام الضم الخفية تؤجج تقوية عتاة اليمين، كما تقوي خصوم نتنياهو داخل الليكود، صحيح أنهم رحبوا بالاتفاق مع الإمارات، لكنهم حرصوا على القول بأن الأساس هو تطبيق خطة الضم في الضفة الغربية، رغم أن الاتفاق مع الإمارات، الذي سيتوج بعملية التقارب التي تقودها منذ سنوات مع دول الخليج ودول إسلامية في المنطقة، خبر سار لمعظم الجمهور الإسرائيلي.
بالنسبة لنتنياهو، فإن الاتفاق مع الإمارات سيضعه في كتب التاريخ، وسيُسجل التطبيع مع الدول العربية كجزء من إرثه، وعلى المدى القصير فقد صرف هذا الاتفاق الانتباه عن التظاهرات والاحتجاجات الاقتصادية والفشل بمواجهة كورونا، وأعاد نتنياهو لأدائه السياسي الذي لم نلاحظه منذ فترة طويلة، وفجأة ارتدى بدلة رجل الدولة.
نتنياهو ربما لن يقنع تطبيعه مع الإمارات أي إسرائيلي يعتقد بأنه متهم بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، ولن يجذب بالضرورة جماهير جديدة لصالحه، لكنه بدلاً من حديثه عن الانقسام بين الإسرائيليين، تحدث بلغة الإجماع الإسرائيلي.
في السياق ذاته، فقد تعمد نتنياهو عدم الإشارة لوزيري الحرب والخارجية غانتس وأشكنازي في حديثه عن الاتفاق مع الإمارات، وامتنع عن ذكر أسمائهم عندما سُئل عن مدى انخراطهم في الاتفاق التاريخي مع أبو ظبي، بل أكد على أنه أجرى الاتصالات بالكامل بمفرده، وتم تحديثهما فقط بعد توقيع الاتفاق، مع أنهما كانا رئيسي أركان سابقين، وشريكين سريين في العمليات الأكثر حساسية وسرية.