فلسطين أون لاين

الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي

لم يكن مفاجئًا توقيع دولة الإمارات العربية المتحدة اتفاقًا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، فالمؤشرات التي كانت تخرج من أبو ظبي تؤكد أنه ثمة نهاية لهذا المؤشرات تقضي بتوقيع اتفاق للتطبيع الكامل والعلني بينهما.

ولا أريد أن أسرد كل هذه المؤشرات، فهي كثيرة أخذت اتجاهات عديدة، منها ما هو سياسي أو رياضي أو ثقافي أو اجتماعي أو تكنولوجي، ومنها ما هو متعلق بزيارات رسمية لشخصيات حكومية إسرائيلية، ومنها ما هو مرتبط ببرقيات تهنئة متبادلة، والفصل الأخير منها الهجوم الممنهج للإعلام الإماراتي على المقاومة الفلسطينية باستغلال حادثة هروب أحد عناصر حماس عبر البحر إلى أراضي الـ(48)، الذي لم يتبين حتى اللحظة سببه ودوافعه.

لكن الأهم في هذا المقال أن أتناول المخاطر والمقاربات المختلفة التي ساهمت في إنجاح الاتفاق.

أولًا: مخاطر الاتفاق

انقلاب دولة الإمارات العربية على نفسها أولًا بمخالفة واضحة للقانون الاتحادي (رقم 15) لسنة 1972م، الذي يجرم التطبيع مع "إسرائيل"، وعندما تنقلب الإمارات على مقررات جامعة الدول العربية، لا سيما مبادرة السلام العربية 2002م، وجوهرها ينص على أنه لا تطبيع مع "إسرائيل" قبل إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ... إلخ.

انقلاب الإمارات على مبادئ رسخها القانون الدولي ومقررات الشرعية الدولية بقبول مبدأ السلام مقابل السلام، بعد أن نصت هذه القرارات على مبدأ الأرض مقابل السلام، في إشارة إلى اعتراف الإمارات بـ"سيادة" الاحتلال على القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية.

إن الاتفاق الذي وصفه الشعب الفلسطيني بكل ألوانه السياسية بأنه خيانة للقدس ودماء الشهداء يدفعنا لطرح المقاربات المختلفة، التي ستحكم على من المستفيد من هذا الاتفاق ومستقبله.

 

  1. المقاربة السياسية والأمنية والعسكرية

قد تكون من أهم المقاربات التي مهدت الطريق لإبرام هذا الاتفاق، ولو تعمقنا في التأمل في هذه المقاربة فسنعلم خفايا ما يجري بالمنطقة والأصابع الصهيوأمريكية التي تصنع الأحداث حتى نصل إلى شرق أوسط جديد تكون اليد الإسرائيلية هي اليد الطولى فيه.

فما يجري في المنطقة من حالة نزاع وصراع، وتيه سياسي، وأزمات هنا وهناك زاد من حدة الاستقطابات؛ فعادت إلى السطح سياسة المحاور والأحلاف بقوة، ولعل أكثر ما بات يهدد الإمارات غير إيران هي تركيا وشبكة التحالفات والاتفاقيات الجديدة، لعل أهمها: اتفاق ترسيم الحدود مع ليبيا، واتفاق نشر القوات مع قطر وسلطنة عمان، والاتفاق الأخير مع باكستان الدولة النووية.

هذا الواقع الجيوسياسي ساعد كثيرًا على سرعة توقيع الاتفاق من المنظور الإماراتي، ولكن الأمر مختلف من المنظور الأمريكي – الإسرائيلي، ترامب يعد هذا الاتفاق وغيره في الشهور القليلة القادمة هدية له لكسب أصوات اللوبي اليهودي واليمين، ونتنياهو يرى الاتفاق تعزيزًا لشعبيته وحرفًا لبوصلة التظاهرات التي تنادي باستقالته على خلفية قضايا فساد.

وفقًا لهذه المقاربة تخرج الإمارات خاسرة، لأنه لا يمكن للاحتلال الصهيوني أن يدخل في مواجهة عسكرية بنفسه من أجل مصلحة الآخرين.

 

  1. المقاربة الاجتماعية والاقتصادية

نسبة اليهود في الإمارات لا تتجاوز 3000 يهودي، وعليه العامل الاجتماعي في التقارب ضعيف جدًّا، فعدد الفلسطينيين أضعاف مضاعفة، وعدد الشيعة يصل إلى 17% تقريبًا، وعليه لا مسوغ اجتماعيًّا لإبرام هذا الاتفاق، كما أنه لا مسوغ اقتصاديًّا، فمع أهمية وتقدم البلدين إجمالي الناتج المحلي للفرد الإماراتي متوسطه 42.400$ بمتوسط راتب 115 ألف درهم، وهو ما يدفعنا للقول إن هذا الاتفاق إن أثر على حجم الرفاهية والتقدم فإنه بالتهديدات والمخاطر لا يقارن.

 

 

الخلاصة: لن تكون الإمارات الأخيرة فالمؤشرات نفسها التي سبقت توقيع الاتفاق لدى الإمارات قائمة في عدة دول الآن، ومنها: البحرين وسلطنة عمان والسودان والمغرب، والخطاب الصادر أخيرًا من بعض النخب السعودية، وعمق العلاقة والمصلحة اللتين تربطان المملكة بالإمارات يرجحان وجود ضوء أخضر سعودي لهذا الاتفاق، وهذا ما أكده مستشار ترامب كوشنير أن السعودية ستوقع اتفاقية سلام مع "إسرائيل".