فلسطين أون لاين

مكاسب تل أبيب المتعدِّدة من اتفاقها مع أبو ظبي

 

يبدو من الصعب أن ننظر للاتفاق الإسرائيلي الإماراتي من مآلاته الأخيرة، دون تسليط الضوء على بداياته وإرهاصاته الأولى، خاصة وأن الجانبين قطعا شوطًا طويلًا في السنوات والأشهر الماضية في توقيع سلسلة من الاتفاقيات ذات الطابع الاقتصادي والتجاري والعلمي والصحّي، فضلًا عن الأمني والعسكري.

كلّ ذلك يؤكد أنَّ إعلان الاتفاق الأخير شكّل تجسيدًا لخروج العلاقة بين إسرائيل ودول الخليج من طور السرية والتكتم إلى العلن والمجاهرة، وإن تم ذلك في كثير من الأحيان بهدوء، وبعيدًا عن ضجيج الإعلام، كي لا يصاب هؤلاء المطبّعون بالحرج أمام الرأي العام العربي.

مع توجه إسرائيل لضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، ظهرت العلاقة الإسرائيلية الإماراتية وكأنها رقصة "التانغو": خطوتان للأمام، خطوة للوراء، مع أن الإمارات تعد إحدى دول الخليج التي اختبرت بحذر المشاركة غير الرسمية مع إسرائيل، ورغم أنه لا توجد علاقات دبلوماسية رسمية بينهما، لكن علاقاتهما التجارية مستمرة.

إسرائيل لديها ممثل رسمي لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة بأبو ظبي، وتمت دعوتها للمشاركة في إكسبو 2020 في دبي، لولا ظهور وباء كورونا، وقبل أسابيع من نشر سفير الإمارات بواشنطن يوسف العتيبة مقالا بصحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، وهي خطوة غير مسبوقة لمسؤول من الإمارات العربية المتحدة في مثل هذا المنصب الرفيع.

أكدت هذه الخطوات حديث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن علاقة إسرائيل مع دول الخليج تقترب بالفعل من مراحل حاسمة، وتتوج مؤخرا في التعاون الطبي بينهما لمواجهة كورونا، صحيح أنه حدث علمي صحي بحت، لكنه بنظر الإسرائيليين يطوي خلافات تاريخية وسياسية في المنطقة، ويؤدي لتعاون البلدين، وتعزيز مرونة جميع سكانها في المنطقة في الأمور المتعلقة بالصحة.

ورغم انخفاض التوقعات من تلك الشراكة في حينه، لكن اتضح أن هذا النوع من التعاون مهم وغير مسبوق، لأنه أولا وقبل كل شيء تم الإعلان عنه علنا، وتضمن التعاون انخراط الشركات الإسرائيلية التي تركز بشكل أساسي على الأمن، وهما شركة الصناعات الفضائية الجوية الإسرائيلية و"رفائيل" لأنظمة الدفاع المتقدمة.

أبدى الإسرائيليون في حينه اعتقادًا أن هذه الشراكة الإماراتية الإسرائيلية تخبرنا أن التعاون والعلاقات الأوثق بين إسرائيل ودول الخليج لديها زخم يقلق الفلسطينيين، دون توقع أن تزدهر العلاقات الشاملة بين إسرائيل والإمارات في المستقبل القريب.

صحيح أن المقاطعة العربية لإسرائيل التي ميزت العلاقات السابقة تتراجع الآن، لأن الجمود السياسي مع الفلسطينيين قد يمنع العلاقات الإماراتية مع إسرائيل خصوصا من التحقق الكامل، لكن التقدير الإسرائيلي خاب وفشل، لأن أبو ظبي أبدت مسارعة مفاجئة لتطبيع علاقاتها مع تل أبيب!