قال اختصاصيون اقتصاديون: إن تجاوز قيمة القروض في السوق الفلسطينية حاجز 9 مليارات دولار، مؤشر خطير له تبعاته السلبية على الفرد والمجتمع، خاصة وأن جُلّ تلك القروض تذهب إلى الاستهلاك محدود الأثر، لا المشاريع التنموية، كما أن الحكومة تزاحم الأفراد والشركات في الحصول على تلك القروض.
وحسب بيانات سلطة النقد، ارتفع إجمالي القروض المصرفية في السوق الفلسطينية بنسبة 7.3% حتى نهاية يونيو الماضي، مقارنة مع أرقام ديسمبر الماضي.
وبينت سلطة النقد أن إجمالي القروض المصرفية حتى نهاية النصف الأول 2020، بلغ 9.7 مليارات دولار، صعودًا من 9.04 مليارات دولار بنهاية 2019.
وقال الاختصاصي الاقتصادي د. هيثم دراغمة: إنّ الاقتراض مؤشر خطير، لأن المواطن يتجه للاقتراض حينما تضيق في وجهه السبل لتوفير مستلزماته سواء الاستهلاكية أو الكمالية، وبالتالي في زيادة تلك القروض تأثير سلبي على الفرد والمجتمع ككل".
وبين دراغمة لصحيفة "فلسطين" أن توجه المواطنين نحو البنوك للاقتراض، زاد بعد شهر فبراير الماضي، بسبب جائحة كورونا، والتي تسببت في ركود في الأسواق التجارية، وحاجة التجار إلى سيولة نقدية لتسديد ما عليهم من التزامات تجاه الغير".
كما أضاف دراغمة أن التوتر السياسي بين السلطة والاحتلال، ووقف أموال المقاصة، دفع بموظفي السلطة في الضفة الغربية إلى التوجه نحو الاقتراض تحسباً لأية طوارئ، قد يترتب عليها وقف صرف رواتبهم".
وأشار دراغمة إلى أن البنوك والمصارف بعد ارتفاع قيمة القروض وخشية حدوث انتكاسة مالية مرتقبة قلصت من حجم التسهيلات المالية، وأفسحت المجال للحكومة لتأخذ المال للخروج من أزماتها بسبب وقف أموال المقاصة ونفقاتها للتصدي لجائحة كورونا.
ووفق سلطة النقد بلغ إجمالي عدد المقترضين من البنوك العاملة في فلسطين حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، نحو 211.4 ألف مقترض.
وبناء على الجنس، بلغ عدد المقترضين من البنوك في السوق الفلسطينية من فئة الذكور، نحو 173.4 ألف مقترض، مقابل 37.9 ألف مقترض من الإناث.
في المقابل، بلغ إجمالي عدد مالكي حسابات مصرفية لدى البنوك العاملة في فلسطين، حتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، 1.235 مليون فرد، بواقع 853.2 ألف صاحب حساب ذكر، و382 ألف صاحب حساب أنثى.
وتشكل نسبة أصحاب الحسابات من إجمالي عدد البالغين في فلسطين 44.3%، إذ يبلغ عدد البالغين في فلسطين 2.791 مليون نسمة.
وبلغت نسبة التعثر في المحفظة الائتمانية في السوق المصرفية الفلسطينية 3.8%، ورغم ارتفاعها عن متوسط 2.1% في عام 2017، إلا أنها تبقى أقل من المتوسط العالمي البالغ 5-6%.
وحتى نهاية النصف الأول من العام الجاري، بلغ إجمالي قيمة الودائع في القطاع المصرفي الفلسطيني 14.9 مليار دولار، بينما نسبة القروض إلى الودائع خلال نفس الفترة 65.1%.
من جهته أكد الاختصاصي الاقتصادي د. معين رجب أن طغيان القروض الاستهلاكية على الإنتاجية لا تعود بالفائدة على الاقتصاد، لأن الاستهلاكية تكون ذات محدودة الأثر.
وبين رجب لصحيفة "فلسطين" أن المصارف تجد في توجيه الاقراض نحو الاستهلاك أقل خطورة من توجيهه في مشاريع لا تضمن نجاحها بسبب التطورات السياسية والاقتصادية المتلاحقة في الأراضي الفلسطينية .
وأشار رجب إلى أن الموظفين هم الضحية لتلك القروض الاستهلاكية، حيث إنهم مضطرون إلى جدولة القروض بفوائد اضافية إنْ تعذر عليهم السداد لأية أسباب.
وذكر رجب أن نصيب قطاع غزة من التسهيلات البنكية دون السقف المأمول، بذريعة أن درجة المخاطرة عالية، داعياً المصارف إلى إعطاء غزة حقها في التسهيلات البنكية لمساعدة السكان في تخطي الأزمات الالأزمزمات الاقتصادية المحدقة بهم.
ويعمل في السوق المصرفية الفلسطينية في الوقت الحالي 13 مصرفا محليا ووافدا، مؤلفة من 7 مصارف محلية (أربعة تجارية وثلاثة إسلامية)، و6 مصارف وافدة منها 5 أردنية وبنك مصري واحد، كما يوجد في قطاع غزة بنكا الإنتاج والوطني الإسلامي.