مع استمرار التوتر الأمني العسكري على الحدود الإسرائيلية اللبنانية، تواصلت ردود الفعل حول آخر التطورات الأمنية مع حزب الله، حيث يعتقد الإسرائيليون أن آخر شيء يريده هو الحرب مع إسرائيل، ورغم أنه لا أحد من الطرفين مهتم بالتصعيد، لكن الجيش يتبع سياسة مفادها تقليل الضرر الناجم عن أي عملية للحزب، وفي الوقت ذاته الرد بأكبر قدر ممكن.
يتزامن هذا التصعيد بين إسرائيل والحزب، مع ما يمر به لبنان من وضع صعب، بل إشكالي، وعلى غرار فترة الحرب الأهلية في السبعينيات، وهذا يعني أن فرصة الحرب تنخفض، رغم وجود مفهوم خاطئ لدى الطرفين قد يتسبب باندلاع الحرب، التي لا يريدها الحزب، لاسيما مع وجود جائحة كورونا، والأزمة المالية، واختفاء قاسم سليماني عن المشهد، كلها عوامل تدفع الحرب بعيدا.
الحزب في النهاية، وفق القراءة الإسرائيلية لديه مصلحة في الانتقام من إسرائيل، وليس التصعيد معها، والجميع يعلم ذلك، لأنه إذا كانت الحرب هي هدف الحزب، فربما بدأ بالفعل مبكرا، لكنه نجح بالفعل في وضع الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب، ففي الجولان مضى على حالة الاستنفار أكثر من عشرة أيام.
ما يجري بين الحزب وإسرائيل أقرب إلى لعبة "من سيعض على شفتيه أولاً"، رغم أن رده إن وجد، فسوف يستهدف هدفًا عسكريًا وليس مدنيًا، وستبقى حالة الاستعداد والتأهب ترافقنا على الأرجح في الأيام القادمة، رغم أن لبنان يعيش في كارثة اجتماعية واقتصادية، ويمر في أزمة غير مسبوقة حقًا.
عند توفير الإجابة المطلوبة عن السؤال الإسرائيلي حول مدى السقف الزمني للتوتر على الحدود الشمالية، فإن التقدير أننا سنعود للأحداث السابقة حين كان هناك توتر مماثل، مع أن الجانبين، الحزب وإسرائيل، باتا أكثر ترددًا في كيفية ابتلاع الضفدع.
الصيغة السائدة اليوم بين الحزب وإسرائيل تبقى من يغمض أولاً، من يرتكب الخطأ الأول، لكن الحزب في النهاية سيكتشف، ويجد فرصة الانتقام، ومهمة القيادة الشمالية في الجيش التوقف عند كل خطأ محتمل، وإيقافه، وهي ليست مهمة سهلة، فقد يعمد الحزب لإطلاق نيران مضادة للدبابات، أو قناصة.
الجيش الإسرائيلي من جهته لا يمكنه تجاهل الوضع، وبالتالي يعزز قواته، في حين أن الحزب في وضع لا يسمح له بفعل شيء كبير، فاللبنانيون متورطون في الداخل، وعلى حافة إفلاس البلاد.
أخيرًا، ورغم أن ما يجري الحديث عنه من توترات ورياح الحرب والتعزيزات تبدو مبالغة كبيرة، هناك توترات رهيبة داخل لبنان، ولا يمكن للجيش الإسرائيلي تجاهل الأمر، مما يدفعه نحو زيادة قواته في المنطقة، فالنشاط المكثف للجيش على الحدود مع سوريا ولبنان يشير لتكثيف حقيقي لنوايا الحزب وإيران، فهما يتحركان، رغم أن ظروفهما معقدة.