تلازم السبعينية نجاة الأغا حالة من الحزن العميق بدت واضحة على تقاسيم وجهها أثناء جلوسها في خيمة الاعتصام الأسبوعية أمام مقر اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وقد رفعت بين يديها صورة نجلها الأسير "ضياء" المحكوم بالسجن مدى الحياة.
وتحاول الأغا، إخفاء دموعها ومشاعرها التي عبرت عما يعتمل في قلبها، عندما بدأت تتحدث عن شوقها لنجلها في عيد الأضحى المبارك، والجرائم التي ترتكبها إدارة السجون بحق الأسرى خاصة المرضى منهم.
وتدعو الأغا، في حديث لصحيفة "فلسطين" أحرار وشرفاء العالم والمؤسسات الحقوقية والانسانية المعنية بقضايا الأسرى، لتوفير الرعاية الصحية للأسرى والعمل على إطلاق سراحهم ليقضوا عيد الأضحى برفقة عوائلهم.
وتواصل سلطات الاحتلال اعتقال نحو خمسة آلاف أسير، بينهم (200) طفل في حين أن (700) يعانون أمراضًا مختلفة، وفق إحصائيات رسمية.
وفي إحدى جنبات خيمة الاعتصام، جلست الستينيَّة نجاح شمالي، بابتسامة حزينة وهي تستذكر ابنها الأسير "أحمد" المحكوم بالسجن 18 عامًا، ويقبع الآن في سجن "نفحة" الصحراوي.
وقرّبت نجاح صورة ابنها الى وجهها، متمنِّية أن يتم الإفراج عن جميع الأسرى وتنتهي معاناة الأهالي خاصة في ظل عيد الأضحى المبارك، قائلة: إن العيد يفتح جراح أهالي الأسرى لفقدانهم أبنائهم خلف السجون وعدم قدرتهم على زيارتهم أو الاطمئنان عليهم.
وتلفت الانتباه إلى أنها تقضي ليالي طوالًا دون نوم بسبب خوفها على صحة ابنها وباقي الأسرى في ظل جائحة كورونا، داعية كل المؤسسات الحقوقية والانسانية والدولية، إلى الوقوف إلى جانب المعتقلين وتوفير احتياجاتهم لحين الإفراج عنهم من خلف القضبان.
في حين، تتجهز سهام حلس، لاستقبال نجلها "هيثم" يوم وقفة عرفة، قبيل عيد الأضحى بيوم، بعد أن غيبته سجون الاحتلال عنها لمدة 12 عامًا.
وتختلف أجواء العيد لدى عائلة الأسير حلس، هذا العام عما سبقه من الأعوام الماضية، كونه سيخرج من خلف قضبان السجون ليلتئم شمل العائلة كما السابق.
وتحاول حلس، الإفصاح عما يجول في خاطرها من ترتيبات لاستقبال نجلها المعتقل في سجن "عسقلان"، والتي حرمت من رؤيته منذ نحو عامين تحت "دواعٍ أمنية".
وتقول الوالدة لصحيفة "فلسطين" والفرح يرتسم على وجهها: "إنَّ وصوله إلى القطاع، وحجره صحيًا لن يحرمنا من الفرحة، فطالما وصل غزة، فقد تحرر من ظلمات السجون الإسرائيلية"، متمنية الفرج القريب والعاجل لجميع الأسرى.
وتلفت إلى أنها تتجهز بعد احتضان نجلها هيثم (33 عامًا) لكي تخطب له عروسًا، ليعيش معها بقية حياته، وترى أطفاله قبل أن تفارق الحياة، كما تقول.
مؤتمر وطني
في الأثناء، نظمت مؤسسة مهجة القدس للشهداء والأسرى والجرحى، وحركة الجهاد الإسلامي بالتعاون مع لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية، وقفة تضامنية مع الأسير المريض بالسرطان والمصاب بكورونا كمال أبو وعر، أمام مقر الجنة الدولية للصليب الأحمر.
ورفع المشاركون في الوقفة أعلام فلسطين، وصورًا للأسير أبو وعر، وعددًا من الأسرى المرضى، ولافتات تطالب المؤسسات الدولية للتحمل مسؤولياتها، وتوفير احتياجات الأسرى من الأدوية والرعاية الصحية والمنظفات التي تحد من فرض نقل الفيروس في صفوفهم.
ودعا عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي جميل عليان، لعقد مؤتمر وطني كبير يشارك فيه الكل الفلسطيني للضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتوفير احتياجات أسرانا وحمايتهم من الإصابة بالأمراض.
وحثَّ عليان، في كلمة مهجة القدس، المؤسسات الدولية وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر لممارسة دورها والعمل على توفير الرعاية الصحية للأسرى خلف القضبان، والضغط على الاحتلال لوقف سياسة الاهمال الطبي التي يمارسها.
وشدد على ضرورة العمل على إطلاق سراح الأسرى المرضى وخاصة الأسير أبو وعر، وتوفير كافة احتياجاتهم الطبية، إلى جانب توفير كل الإجراءات الوقائية والاحترازية لمكافحة الفيروس.
بدوره، حمل عضو لجنة الأسرى للقوى الوطنية والإسلامية علام الكعبي، الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن حياة الأسير أبو وعر المصاب بالسرطان وكورونا.
ودعا الكعبي، وهو عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية ومسؤول ملف الأسرى فيها، الكل الفلسطيني لدعم وإسناد الأسرى خاصة المرضى منهم، والضغط على الاحتلال لتوفير الرعاية الصحية المناسبة لهم، ووقف سياسة الإهمال الطبي التي تمارسها.