فلسطين أون لاين

"عالمة نووية".. حلم "ريهام" يناطح الإعاقة

...
غزة- مريم الشوبكي

تتحدى الشابة ريهام الرقب إعاقتها الحركية، وترفض أن تكون عائقًا أمام تفوقها يومًا، فهي التي تأخرت عن الالتحاق بالمدرسة ثلاث سنوات بسبب وضعها الصحي الصعب، لكنها تفوقت في دراستها وتصدرت المركز الأول على مدرستها في بني سهيلا شرق محافظة خان يونس سنوات خلت.

ريهام أنهت الثانوية العامة بـ86.3% في الفرع العلمي، طموحها دراسة الفيزياء النووية، ولكن هذا التخصص لا تدرسه الجامعات في قطاع غزة، لذا تمني النفس بالحصول على منحة دراسية تمكنها من دراسته في الخارج.

هذه الشابة (19 عامًا) كانت تذهب يوميًّا إلى مدرستها عبر العربة الكهربائية لأنها تعاني مرض هشاشة العظام (العظم الزجاجي)، رغم إعاقتها كانت تتفوق على أقرانها، وهذا ما دفع وزارة التربية والتعليم إلى عقد امتحان نظري وعملي لتترفع من الصف الثامن للحادي عشر.

تقول ريهام لصحيفة "فلسطين": "رغم كل المعيقات استطعت إكمال مسيرتي التعليمية في عشر سنوات بدلًا من 12".

الثانوية العامة تعدها ريهام النقطة الفيصل في حياتها، لذا رسمت هدفًا واجتهدت حتى تحققه، وهو الفيزياء، لميولها نحو المواد العلمية أكثر من الأدبية، وتشعر بأنها يمكن أن تبرع فيه مستقبلًا.

بسبب عدم وجود هذا التخصص في القطاع وضعت خيارًا بديلًا، وهو دراسة هندسة الحاسوب والاتصالات، لكونه يراعي ظروفها الصحية وبيئتها ووضع أهلها المادي الصعب، وله مستقبل في الحصول على وظيفة، ولا يحتاج إلى جهد بدني كبير.

صممت ريهام على التفوق في الثانوية العامة، لأن غايتها رؤية الفرحة في عيون والديها اللذين عانيا معها طوال رحلة علاجها، ويبذلان جهدًا كبيرًا في رعايتها وتوفير كل الإمكانات لتحقق حلمها في العلم.

كانت تتطلع إلى الحصول على معدل أعلى بكثير مما حصلت عليه، وهذا ما أحزنها بعض الوقت، ولكن فرحة أهلها واحتفالهم بها غطيا على حزنها.

تؤكد ريهام أن ذا الإعاقة هو المصاب بالتفكير والعقل لا الجسد، لذا تطمح إلى أن تترك بصمة في المجتمع، لتؤكد لمن يمرون بمثل ظروفها وغيرهم أن الإنسان قادر على العطاء ما دام لديه هدف بغض النظر عن ظروفه.

وتوجه رسالة لذوي الاحتياجات الخاصة، أن لا تلقوا بالًا لكلام الناس، بل افعلوا ما بوسعكم لتغيير فكرتهم عن المعاق حركيًّا، واجعلوا من حولكم يفتخرون بكم، تقبلوا أنفسكم تجعلوا من حولكم يتقبلونكم.

وتدعو الطلبة المقبلين على خوض مرحلة الثانوية العامة في العام المقبل، إلى تحديد هدف مع بداية العام، وأن يجتهدوا في الاستذكار مع تنظيم وقتهم جيدًا، وأن يضعوا جل تركيزهم في الحصص المدرسية.

وتنصح ريهام بأن يكونوا سندًا لأهلهم كما كانوا هم سندًا لهم، وألا يحيدوا عن الدرب الذي حددوه.

ولم ينصب كل جهدها على الدراسة فقط، بل أيضًا حفظت أجزاء من القرآن الكريم، وبعض الأحاديث النووية، إضافة إلى الحصول على عدة دورات، منها الإسعافات الأولية.

تهدي نجاحها لفلسطين والقدس، والأسرى، ولأرواح الشهداء، ولكل شخص يريد أن يهزم ظروفه وإعاقته يومًا ما.