في غمرة الحديث الإسرائيلي عن خطة الضم وفرض القانون الإسرائيلي على أجزاء واسعة من الضفة الغربية وغور الأردن، صدر كتاب جديد في إسرائيل يكشف خبايا جديدة عن مخططات شبيهة، متقاربة أو متباعدة، لكنها تصب في الاتجاه ذاته، لرؤساء حكومات إسرائيلية راحلين.
الكتاب المعنون "قوي وشجاع"، لمؤلفيه الدبلوماسيين الأمريكيين المخضرمين دينيس روس وديفيد ماكوفسكي، يستعرض التحركات الدرامية التي قام بها أربعة من رؤساء الحكومات الإسرائيليين السابقين وهم: ديفيد بن غوريون، مناحيم بيغن، إسحق رابين، وأريئيل شارون، وهي خطوات قصدوا بها الانفصال عن الفلسطينيين، لكنهم قد يكونون اختلفوا في الطريقة.
فـ"شارون" لم يثق بمن سيأتي بعده من الزعماء الإسرائيليين، وخطط لتقديم تنازلات في الضفة الغربية بعد انسحابه من قطاع غزة أواخر 2005 ضمن خطة الانفصال أحادي الجانب، وقصد شارون بهذه الخطوات الحفاظ على الأغلبية اليهودية لإسرائيل.
مقربون من شارون كشفوا لمؤلفي الكتاب شعوره آنذاك بضرورة الحفاظ على قبضة إسرائيل في الضفة الغربية في المناطق التي يعتقد أنها ضرورية لأمنها، وهذه المناطق كتل استيطانية، وكان مدفوعا في المقام الأول بالمسألة الأمنية.
اعتقد الزعماء الإسرائيليون المذكورون في الكتاب، أنه عاجلا أم آجلا، ما لم تتخذ إسرائيل المبادرة، فستواجه ضغوطا هائلة من المجتمع الدولي، بما فيها الولايات المتحدة، للانسحاب حتى من المناطق الحاسمة لأمنها على المدى الطويل، ورأوا أنهم بأخذهم زمام المبادرة، سيتجنبون الضغط الدولي، ويبنون شرعية كبيرة حتى تتمكن إسرائيل من الاحتفاظ بالكتل الاستيطانية.
بدا لافتا أن الزعماء الإسرائيليين بدوا قلقين للغاية بشأن البيانات الديموغرافية المقدمة إليهم، واقتنعوا بأن إسرائيل ستواجه صعوبة بالاحتفاظ بأغلبية يهودية بين نهر الأردن والبحر إن لم تنفصل عن الفلسطينيين، وأرادوا ضمان بقاء إسرائيل بأغلبية يهودية واضحة.
بالانتقال إلى رابين، فقد حاول تحصين أمن إسرائيل أمام التحديات الداخلية والتهديدات الخارجية، وصمم على الحفاظ على إسرائيل آمنة، من خلال توديع الفلسطينيين لإبقائها دولة يهودية، وتجنب احتمال أن تصبح ثنائية القومية، صحيح أنه في فترة ما شككك بإمكانية التوصل لتسوية دائمة مع الفلسطينيين، لكنه فهم أنه يجب على إسرائيل التخلي عنهم للحفاظ على شخصيتها وهويتها وأمنها، ونوى بناء جدار يفصل الجانبين.
يبدو الربط مشروعا بين المخططات الإسرائيلية السابقة في الانفصال عن الفلسطينيين على أيدي شارون ورابين، والتحركات الإسرائيلية الجارية لضم الأراضي الفلسطينية، وما تحمله من آثار جسيمة مصيرية، وتحذير من المخاطر الكامنة فيها، ولذلك فإنها مدعاة للقلق، على الأقل وفق ما تظهره الزاوية الأمنية الإسرائيلية، وأخذ تحذيراتها على محمل الجد، عبر رؤية الصورة الكبيرة والنتائج الإستراتيجية لهذه الخطوة.