فلسطين أون لاين

الإخفاق سلم النجاح

نحن في هذا الكون مسيرون لما خلقنا له، نمضي في إطار سنن إلهية ثابتة، وإذا كان علينا أن نتعرف عليها، فإن ذلك ليس من أجل الالتفاف عليها، بل من أجل التكيف معها، والعمل في ظلالها، فالظروف والإمكانات والحوادث والمعطيات التي تضاف للإنسان إنما هي أفعال الله عز وجل لتسوقه إلى هدفه، من هذه السنن أننا لا نضمن نتائج محاولاتنا واجتهاداتنا على نحو دائم، وكلما كان ما نسعى للحصول عليه كبيراً كانت حساباتنا أقل دقة، والمخاطرة أكبر حجما.

أنا وأنت مدعوّان لأن تكون مطالبنا في الحياة كبيرة ولا نرضى بالدون من الأشياء، كما أننا مدعوان لأن نخوض غمار المخاطرة المحسوبة، لأن الذين لا يخاطرون قد لا يربحون، وإذا ربحوا فإن أرباحهم غالباً ما تكون قليلة، ولذلك أحل الله البيع وحرم الربا، فالتجارة فيها نوع من المخاطرة ويمكن فيها أن تربح أو تخسر، وما عليك إلا أن تأخذ بالأسباب الدنيوية، وحسن الأداء، وحينها بكل تأكيد ستقبل بالنتائج.

كما يجب عليك أن تتقبل الإخفاق على أنه أمر طبيعي، فالذين يسعون لتحقيق أهدافهم لا يمكن أن يحصلوا على النجاحات الكبرى إلا عبر التجريب والمحاولة والإصرار على الوصول، وما دمت في حالة السعي للوصول للهدف المنشود والمكسب الكبير فعليك أن تتجرع مرارة الإخفاق، فالذين لا يذوقون طعم الإخفاق هم الكسالى والمحرومون من الطموحات الكبيرة، وقد لا تستطيع أن تتحكم في نتائج الأمور؛ كإخفاق في الدراسة أو خسران مبلغ من المال، أو فشل مشروعك، لكنك يمكن أن تتحكم بالنتائج، فأي حدث يمكن أن تتدارك نتائجه ما دام فيك عرق ينبض، فلا تجعل اليأس والإحباط يسيطران عليك، ويخربان عليك حياتك، واجعل من الإخفاق وقودك للوصول.

بعد كل إخفاق يعترض طريقك يجب أن تأخذ منه درساً كي يعينك على تصويب المسار، ويصقل شخصيتك، ويكسبك التجربة، وثق تماماً أن قيامك بعد كل إخفاق واستمرارك في العمل والجد للوصول إلى أهدافك يعزز ثقتك بنفسك وثقة الآخرين بك، وتصبح أنموذجاً يحتذى به، وخذ من مقولة الشهيد عمر المختار: "إن الضـربة التي لا تقصم ظهرك تزيـدك قوة" وقوداً للوصول إلى هدفك.

وأختم مقالتي برسالة أوجهها إلى طلبة الثانوية العامة الذين لم يحالفهم الحظ أن يكونوا من الناجحين؛ بأن هذا الإخفاق ليس نهاية العالم، ولا آخر المحاولات، فأمامكم فرص كثيرة؛ فقط اشحذوا هممكم من مرارة الإخفاق، وتسلحوا بالعزيمة وبكل تأكيد ستصلون إلى ما تريدون.