رغم التوافق الإسرائيلي بشأن خطة الضم، مع وجود تباين في بعض التفاصيل التكتيكية، لكن هذا التوافق لا ينفي وجود مخاوف جدية من أن هذا المشروع الاحتلالي سيدفع باتجاه فرض العقوبات الدولية على إسرائيل، وحشرها في الزاوية بنظر المجتمع الدولي، مع أن جيش الاحتلال لا يستطيع تحمل عواقب تنفيذ الخطة، وتل أبيب غير مستعدة لتبعيات الضم، لا أمنيًّا ولا اقتصاديًّا ولا قانونيًّا.
يتابع الإسرائيليون بصورة يومية أصواتًا ونداءات يوميّة من مختلف أنحاء المجتمع الدولي، بأن الضم لن يكون مرحبًا به، بل سيشمل فرض عقوبات، وسيدفع إسرائيل إلى موقع "المجذوم"، كما كان الحال مع دولة جنوب أفريقيا، مما يتطلَّب بنظر أوساط إسرائيلية وازنة ضرورة أن تتجنَّب الضم الذي سيجعل إسرائيل دولة فقيرة ومضطربة، وكأنها تحوي معظم المصابين بالجذام في العالم.
أي إسرائيلي يتحدث عن الضم بمعناه "الإيجابي" يشير فقط للمدى القصير، رغم أنه لا يرى فائدة له، فنموذج شرقي القدس يبيِّن أين ستذهب إسرائيل في عملية طويلة الأمد لضم الضفة الغربية، لأنه فيما يتعلق بالفلسطينيين، فلا يُسمح للكثير منهم بدخول إسرائيل، باستثناء مجتمعات الرعاة الموجودة بمناطق غير منظمة.
يخطط مشروع الضم بالتوافق مع صفقة القرن لضم 17 جيبًا ومستوطنة، وأكثر من 16 ألف مستوطن، وجعلها تتواصل جغرافيًّا مع إسرائيل بضم جميع الممرات والبؤر الاستيطانية غير القانونية، بما مساحته 30 بالمئة من الضفة الغربية، على طول 1800 ميل، أكثر بثلاث مرات من حدود إسرائيل مع الأردن وسوريا ومصر ولبنان.
تتلخَّص جملة من المضامين والآثار العسكرية التي ستواجه الإسرائيليين فور تطبيق خطة الضم، أنه سيتعين عليهم جدار فصل عنصري جديد، بكلفة تقديرية 40-50 مليار شيكل لبنائه وصيانته.
وفي الوقت الذي ستكون فيه المسؤولية الأمنية عن تلك الجيوب المضمومة إسرائيلية، فإنها ستضطر لتفعيل التنسيق الأمني مع الفلسطينيين، ربما وفق آليات ليست مستنسخة عن الماضي، وعلى صعيد التعامل معهم، فإن الفكرة تكمن بقدرة الإسرائيليين على وضع أيديهم على الأراضي الفلسطينية.
من المتوقع أن تذهب إسرائيل لتطبيق نموذج شرقي القدس، حيث تصادر الأرض للأغراض العامة، والمقصود للمستوطنين ومن يقف خلفهم الساعين لوضع أيديهم على الأرض الفلسطينية، لأن فكرة الضم قائمة على سن المزيد من الإجراءات المتعلقة بنقل ملكية العقارات الفلسطينية للإسرائيليين.
الخلاصة أن أيّ فلسطيني يتحرك بعد اليوم المحدد لإعلان الضم لن يتمتع بحقوقه، بصورة مشوَّهة عما يعايشه أهلنا الفلسطينيون في داخل فلسطين المحتلة عام 1948، لأن إسرائيل لن تمنحهم لا إقامة ولا جنسية، بل ستجد طريقة ما لإعلانهم مقيمين غير شرعيين، ونقلهم لما تبقى من أراضي السلطة الفلسطينية.