استطاعت غزة شعبها ومقاومتها الصمود في وجه الحصار الظالم والغاشم، الذي شاركت فيه أطراف متعددة، وعلى رأسها كيان الاحتلال، وكذلك استطاعت غزة الانتصار على العدو في ثلاث حروب متتالية، وأقول إنها انتصرت لأن العدو لم يحقق أهدافه السياسية أو العسكرية المعلنة، ولم يكسر شوكة المقاومة أو يجبرها على تقديم تنازلات، وأيضًا لأنه في الحروب الثلاثة اضطر إلى أن يكون البادئ في إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد، أما إذا كان هناك من يرفض أن يعترف بتلك الحقائق فهذا شأنه، وليس هذا موضوعنا.
مقدمة المقال تفسر لنا جزءًا كبيرًا من معادلة حصار غزة، ولماذا لا يمكن إحكامه أكثر فأكثر، بل هو يتجه إلى نهايته بكل تأكيد، فلو عرف الاحتلال أنه يمكنه القضاء على حركة حماس بإحكام الحصار، ومنع إدخال الأموال والوقود والمستلزمات الحياتية لفعلها منذ سنوات، ولكنه يعلم يقينًا أنه إن فعل ذلك فسيدفع قطاع غزة إلى الانفجار المحتم في وجهه، وحينها سيكون رد المقاومة الفلسطينية وكتائب عز الدين القسام أشد، لأن المعاناة تكون قد بلغت مبلغها، وهذا يعني أن كيان الاحتلال حريص على الموازنة بين حصار يشل حركة حماس وتخفيف يمنع تدهور الأوضاع في غزة إلى حد لا يمكن قبوله، ولهذا إن المساعدات الخارجية التي تدخل غزة محسوب حسابها، والأموال التي تأتي من هنا وهناك أيضًا مقبولة من جانب الاحتلال، لأنه كما قلنا لا يريد تفجير الأوضاع.
لهذه الأسباب لا يمكن أن يكون هناك ضغوط فوق العادة على غزة من أي طرف كان، لأن الاحتلال سيدفع الثمن، وقد رأينا أنه كلما شن الاحتلال حربًا على غزة لا يلبث إلا أن يستدعي أطرافًا غربية وعربية وفلسطينية لفض الاشتباك ووقف إطلاق النار، اندلاع حرب جديدة بين غزة والمحتل الإسرائيلي لن يكون في مصلحة أي طرف، ووقفها سيكون أصعب مما سبق، وإنني أعتقد أن المقاومة الفلسطينية لم تعد قادرة على الصبر على الحصار الإسرائيلي بشكله الحالي وإدخال غزة في أزمة تلو الأخرى، ولابد من رفع الحصار قبل فوات الأوان.