حظي اللقاء الأخير الذي جمع صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس مع جبريل الرجوب أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، بتغطية إعلامية إسرائيلية واسعة، بزعم أنه يمنح حماس ضوءا أخضر لما تصفه بـ"رفع رأسها" في الضفة الغربية، رغم أن السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس لا يريدان للعمل المسلح أن يعود مجددا ضد أهداف إسرائيلية.
رغم ذلك ترى الأوساط الإسرائيلية أن اختيار حماس العاروري لأن يمثلها في هذا اللقاء، وهو الذي يعد مخطط ومهندس هجماتها المسلحة في الضفة الغربية، وفق المزاعم الإسرائيلية، فإن الوضع الهادئ نسبيًا على الأرض قد يتغير بشكل كبير على الساحة الميدانية.
مما يمنح لقاء العاروري-الرجوب أهمية بنظر الإسرائيليين أن العقد الماضي شهد سلسلة لقاءات بين الحركتين حازت على كميات كبيرة من العناق والابتسامات والمصافحات، وقليل من الفلسطينيين يتذكرون عدد المرات التي حصلت فيها هذه اللقاءات، في غزة والقاهرة والدوحة وإسطنبول وبيروت وموسكو وجنوب إفريقيا، وسواها من عواصم المنطقة والعالم، لكن المشترك بينها أنه لا شيء خرج منها، ولا شيء، ما قد يجعل اللقاء الأخير فرصة لأن يتغير شيء ما هذه المرة.
هناك أمران استجدا في اللقاء، وفق القراءة الإسرائيلية، أولهما أن الرجوب والعاروري، لم يصرحا بمؤتمرهما الصحفي بتصريحات لإنهاء الانقسام، والثاني أن الجهة التي شجعتهما على دخول غرفة ZOOM هي إسرائيل.
وقد بدا أن غاية السلطة الفلسطينية كانت واضحة في ذلك المؤتمر الصحفي، وفق الفرضية الإسرائيلية لا تتعلق بالمصالحة مع حماس، فقد طلبت فقط إرسال رسالة لإسرائيل، عقب تحول وقف التنسيق الأمني إلى أمر واقع، ما قد يجعل توفير الضوء الأخضر لحماس للعمل في الضفة الغربية هو الخطوة التالية في حملة مناهضة الضم، بالطبع، لم يسموها كذلك، لكنهم اختتموها بعبارات مثل "صراع مشترك في الميدان".
ركز الإسرائيليون على المفردات المستخدمة في المؤتمر الصحفي للعاروري-الرجوب، من قبيل "ليس لدينا عدو سوى إسرائيل"، "لا تنتظروا تعليمات دقيقة منا"، وهو ما يشير إلى أن ملعب المعركة الحالية هو أولاً وقبل كل شيء في الضفة الغربية، وفق قناعة حماس وفتح معاً.
رغم كل ذلك، ما زال الإسرائيليون يرجحون أن عباس لا يزال يلتزم بسياسة تعارض الهجمات المسلحة بشدة، ومن المفترض أنه لا يريد حقًا رؤية أعلام خضراء تظهر في كل زاوية وشارع في الضفة الغربية، لكن عندما يتحدث الرجوب عن قتال مشترك مع حماس ضد خطة الضم، ومع الرجل المسؤول عن إنشاء البنية التحتية العسكرية لحماس في الضفة الغربية، فإنه يخاطر بركوب ظهر النمر.