قد يتراجع نتنياهو عن ضم غور الأردن في المرحلة الراهنة، فالضغوط الأردنية، والاعتراضات الدولية، والتحذيرات الأمنية قد تفرض على رئيس الوزراء الإسرائيلي ألا يضيع فرصة الضم التي لاحت لدولته كما قال، ويكتفي بضم تجمع غوش عتصيون جنوب القدس، وتجمع معاليه أدوميم شرق القدس، وبذلك يمرر أخطر قرار للضم بهدوء وصمت.
وقد يعلن نتنياهو أنه مع صفقة ترامب كاملة، وليس مع الضم فقط، استجابة لشرط وزير حربه غانتس، وفي الوقت نفسه يرضي أنصاره من أحزاب اليمين بإعلانه عن ضمن غوش عتصيون، كخطوة أولى على طريق ضم ما تم تأجيله.
فما هي مستوطنة غوش عتصيون التي ستسيطر على وسائل الإعلام؟ وما أهميتها؟ وما علاقتها بمستوطنة غوش قطيف؟
غوش عتصيون تجمع استيطاني يفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها، يقع جنوب القدس وبيت لحم، وشمال منطقة الخليل ويضم هذا التجمع الاستيطاني 22 مستوطنة، على مساحة من الأرض تقدر بـ56 كيلو متر مربع، يحتلها حوالي مئة ألف مستوطن يهودي، لا يسمح للعرب المتواجدين على تلك الارض بأي شكل من أشكال الحياة.
قبل نكبة سنة 1948، تمكن الجيش الأردني بقيادة البطل عبد الله التل من تصفية هذه المستوطنة التي قامت في ذلك الوقت على أراض عربية. لقد تمت التصفية بقوة السلاح وعزم الرجال.
أما غوش قطيف، فكانت تجمعًا استيطانيًّا يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، وكانت تضم عدداً من المستوطنات، على مساحة 23 كيلو متر مربع تقريباً، وكانت تضم معظم المستوطنين في قطاع غزة، وكانت تضيق على حياة العرب المقيمين في المنطقة.
قبل نكبة سنة 1948، تمكن الجيش المصري من تصفية هذه المستوطنة التي قامت في ذلك الوقت على أراض عربية، وقد تمت التصفية بقوة السلاح وعزم الرجال.
بعد هزيمة سنة 67، أعاد الصهاينة بناء مستوطنة غوش عتصيون على أرض الضفة الغربية، ولما تزل قائمة وتكبر وتسيطر على مفارق حياة الضفة الغربية.
وبعد هزيمة سنة 67 أعاد الصهاينة بناء مستوطنة غوش قطيف على أرض قطاع غزة، ولكنها لم تعد قائمة، فقد نجح الفلسطينيون بتصفيتها، واقتلاعها، وتدمير أركانها.
مستوطنة غوش عتصيون على مفرق التصفية أو الضم، فإذا أراد الفلسطينيون تصفية مستوطنة غوش عتصيون، فليس لهم إلا الطريق الذي رسمته غزة، وشقته بالتضحيات والعطاء، ودون ذلك فكل الاحتفالات والمهرجانات والبيانات وقطع الرواتب لن تحول دون الضم.
ويبقى السؤال: أين كانت القيادة الفلسطينية كل تلك السنوات التي كبرت فيها المستوطنة، حتى صارت تضم مئة ألف متطرف يهودي؟ ألم تعلم القيادة أن كل يوم يمر دون مقاومة الاستيطان بمثابة تشجيع للاستيطان؟
ويأتي الجواب من خلال دعوة الفصائل الفلسطينية في غزة إلى الغضب يوم الأربعاء، إنها الامتحان! فهل ستغضب الضفة الغربية مع غزة؟ وهل سيكون الغضب على الحدود وعلى طرق المستوطنين؟ أم سيكون الغضب داخل المدن؟ للاستماع للخطابات والبيانات، وكفى الله القيادة شر القتال؟
الشعب الفلسطيني سيعطي الجواب يوم الأربعاء، مطلع الشهر، يوم الإعلان الإسرائيلي عن الضم، والإعلان الفلسطيني عن بدء معركة تصفية الاستيطان.