استكمالًا لحديث الأمس عن التورط الإسرائيلي في حرب ليبيا، تنتقل هذه السطور للحديث عن الجبهة الجنوبية من (إسرائيل)، وتحديدًا في بلاد اليمن، حيث تحدثت أوساط إسرائيلية في الأيام الأخيرة عن وجود أصدقاء جدد لها، قاصدة المجلس الانتقالي الذي يسيطر على مناطق في جنوب اليمن، والمدعوم من الإمارات، حيث تجري بين الجانبين اتصالات سرية، مع توفر مؤشرات إيجابية عما يمكن اعتباره مواقف سياسية تجاه (إسرائيل)، رغم عدم وجود علاقة دبلوماسية رسمية معه حتى الآن.
يتحدث الإسرائيليون أن تل أبيب على اتصال بالحكومة الجديدة في جنوب اليمن، ولكن من وراء الكواليس، وأن مطار بن غوريون في تل أبيب شهد في شهر يناير الماضي وصول يمنيين ليسوا يهودا قاموا بزيارة (إسرائيل)، وهذا أمر ليس معتادًا، فلا توجد علاقات دبلوماسية بينهما.
في الوقت ذاته، بدأت مظاهر التدخل الإسرائيلي في حرب اليمن تتزايد، ولم يعد هناك مجال لإخفائها، خدمة للمصالح السعودية، رغم أنها تسوّغ تدخلها ذاك بزعم الدفاع عن مصالحها في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وحماية الملاحة البحرية الإسرائيلية في البحر الأحمر، وضمان عدم تعرّض الحوثيين لها.
تنطلق (إسرائيل) من افتراض مفاده بأنّ تكثيف وجودها بمنطقة البحر الأحمر ومضيق باب المندب، قد يمثّل عاملاً رادعاً يحول دون توجه الحوثيين لاستهداف خط التجارة بين (إسرائيل) ومنطقة جنوب شرق آسيا.
لم يعد سرًّا أن التدخل الإسرائيلي في اليمن يندرج في إطار التدخلات السرّية التي يمارسها الجيش الإسرائيلي في مناطق مختلفة، مما يجعله يتصرف كما لو كان قوات مرتزقة تعمل لصالح الولايات المتحدة والسعودية داخل اليمن، رغم أن المبرر الوحيد الذي يدفع (إسرائيل) للعمل في اليمن هو فقط مجرد وجود إنذار استخباري، مع أن القيادات الإسرائيلية تستخدم سرّية المعلومات الاستخبارية في تضليل الرأي العام، وللتغطية على قرارات التدخل الخطأ في الساحة الإقليمية المختلفة.
مع أن الحسابات السياسية الخاصة للمسؤولين الإسرائيليين، تؤدي دوراً مهماً في الخضوع لهذا النمط من التدخلات، بجانب أن الحرص على العلاقة مع "العشيق السعودي" أوصل (إسرائيل) في النهاية إلى حد التدخل في اليمن، لأنها تتدخل هناك عقب فشل الرياض في حسم المواجهة ضد القوات الحوثية، رغم ميل ميزان القوى لصالحها بشكل جارف.
الخلاصة في هذه التدخلات الإسرائيلية لصالح القوى الانقلابية غربًا في ليبيا وجنوبًا في اليمن، أن (إسرائيل) ترى في القوى غير الشرعية حليفًا مستقبليًّا لها، على اعتبار أنهما يتقاسمان ذات العامل المشترك، وهو الوجود غير الشرعي في هذه المنطقة، مما يجعلهما يبحثان بصورة حثيثة عن كل المصالح الثنائية في مواجهة القوى الحية التي تمثل المنطقة وأهلها.