بات من المؤكد أن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بتغيير استراتيجيتها تجاه قضايا الشرق الأوسط بعد صعود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى كرسي الرئاسة، وسيطرة الحزب الجمهوري على سدة الحكم، وأصبحت تستخدم أسلوب التدخل العسكري وذلك على نقيض الرئيس السابق باراك أوباما.
فعلى الرغم أن الحربين العالميتين الأولى والثانية كان يتربع على رأس هرم السلطة في الولايات المتحدة الرئيس توماس ويلسون والرئيس فرانكلين روزفلت وكلاهما من الحزب الديمقراطي، إلا أن الأمور تغيرت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق، ولاحظنا كيف عملت الولايات المتحدة على تغيير استراتيجيتها تجاه الدفاع عن حلفائها في المنطقة.
إن ما حدث من قصف للبوارج الحربية الأمريكية لمطار الشعيرات العسكري قرب مدينة حمص السورية لم يكن دفاعا عن المظلومين كما يعتقد البعض، لا تفرحوا كثيرا, فالقصف السوري الروسي ضد المدنيين لم يتوقف منذ بداية العام، والرئيس ترامب موجود في البيت الأبيض يتابع الأحداث ويعقد الاجتماعات ولم يتغير شيء، لكن الأمر حين يصل إلى تهديد إسرائيل الحليف الأول للولايات المتحدة يكون هناك تدخل عسكري.
فقديما قام الرئيس بوش الأب في عام 1991م بنفس الاستراتيجية، وظن البعض حينها بأنه يدافع عن احتلال دولة الكويت، ولكن سرعان ما انكشف الأمر ووضحت الرؤية، وانكشف الهدف الذي أراده وهو تحجيم القوة العسكرية العراقية وتقويض نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وبعد ذلك اتهام النظام العراقي بامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل، وما تبعه من ضربات عسكرية عام 2003م، واحتلال العراق ودخوله في فوضى سياسية أوصلت المنطقة إلى صراع طائفي وعرقي راح ضحيته مئات الآلاف من المواطنين، وأدخل المنطقة عارمة.
فالضربة الأمريكية ضد سوريا كانت منسقة بينها وبين حلفائها التقليديين (البريطانيين والفرنسيين) حتى أن الولايات المتحدة قبل البدء بساعة الصفر قامت بإبلاغ الروس بموعد الضربة المسبق، وكذلك كان هناك تنسيق بين الولايات المتحدة و(إسرائيل) حليفتها في المنطقة، والدليل ما قام به سلاح الجو الإسرائيلي من قصفه لقوات حزب الله في القلمون بنفس موعد الضربة الأمريكية ،وتصريحات وزير الجيش الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان حول التنسيق العسكري الأمريكي الإسرائيلي.
إذ الهدف من وراء هذا التصعيد العسكري الأمريكي الإسرائيلي في سوريا ولبنان هو منع النظام السوري وحليفه الاستراتيجي في الحرب الدائرة حزب الله من امتلاك السلاح الكيماوي وذلك لمنع أي تهديد قد يقع مستقبلا على (إسرائيل) الحليف الاستراتيجي للولايات المتحدة، خوفا من وقوع هذا السلاح في أيدي المعارضة السورية ويتم استخدامه مستقبلا ضد (إسرائيل).