يوما بعد يوم تزداد الرؤية الإسرائيلية ضبابية وتشويشا تجاه ما قد تسفر عنه خطة الضم، ما يدفع دوائر صنع القرار السياسي والعسكري والأمني لإراحة نفسها، ولو مؤقتا، والخروج باستنتاج مبكر مفاده أن ردود الفعل الفلسطينية قد تسفر عن "وضع لن يحدث فيه أي شيء، إلى وضع يحترق فيه كل شيء".
يحتمل هذا التقدير كل السيناريوهات، أسهلها وأصعبها، لكنه يحمل ضمنياً دلالة تفيد بأن الأرض قد تبدأ بالاهتزاز في حال تم الشروع بتنفيذ خطة الضم، والجيش يستعد لجميع السيناريوهات التي لا تبشر بالخير، وقلقه الرئيس أن غضب الفلسطينيين أنفسهم، قد ينفجر في وجه (إسرائيل)، وستكون الفوضى الأمنية بانتظارها.
في حال بدء التنفيذ العملي لخطة الضم، يتوقع أن يكون لدى القيادة العسكرية في الجيش تحدٍّ من نوع خاص، فرغم أنه يستعد لتنفيذ الخطة، لكن ليس لديه فكرة عما يمكن توقعه، فقيادته السياسية لم تكشف حتى الآن عن خططها، التي تتم صياغتها في غياب اتفاق جزئي مع واشنطن.
لكن ذلك لا يعفي الجيش من أن يكون مطالباً بالاستعداد للسيناريوهات على جبهات عدة، ولذلك شهدت الأيام الماضية، وستشهد الأيام القادمة، تمرينات كبيرة لهيئة الأركان، بمشاركة أجهزة الأمن، لبحث الآثار المترتبة واسعة النطاق، وفي معظم السيناريوهات، فأي محاولة لرسم صورة لا تبشر بالخير على الصعيد الإسرائيلي.
تستخلص المحافل الأمنية الإسرائيلية من ثورات الربيع العربي والاحتجاجات الأمريكية الأخيرة أنه لا توجد طريقة علمية مثبتة لتقييم التحركات الجماعية، فكل حدث صغير له إمكانات الانفجار، والخلاصة أنه في هذه الأثناء، تتدهور الأراضي الفلسطينية ببطء لحالة من الفوضى.
تتراوح التقديرات الإسرائيلية لردود الفعل الفلسطينية على خطة الضم، باندلاع مواجهة واسعة في الضفة، إلى زيادة حدة التوتر مع غزة، وصولا إلى حملة في الجبهة الشمالية، وتوتر دبلوماسي مع الدول العربية والغربية.
كل هذه السيناريوهات تتطلب تعزيز الفرق العسكرية الإسرائيلية في الضفة الغربية، كي تسيطر عليها، لأن هذا الواقع سيتغير في الهجوم الأول بعد الضم، وسيزج الجيش بكتائب إضافية، أما بالنسبة لغزة، فللوهلة الأولى قد تبقى هادئة، لكن رؤية حماس لنفسها زعيمة حقيقية للشعب الفلسطيني قد لا يجعلها تبقى على هامش الأحداث، مع ترجيح أن تحاول إشعال النار في الضفة والقدس من بعيد، وتتحدى (إسرائيل) في الجنوب باستئناف مسيرات العودة، وزيادة إطلاق الصواريخ، وغض الطرف عن المنظمات الصغيرة.
الخلاصة أن الجيش الإسرائيلي يعطي الأولوية للتصعيد في غزة، والضفة في المرتبة الثانية، والشمال في المرتبة الثالثة، وفي هذه الحالة لن يُطلب منه فقط نشر جميع القوات النظامية، ولكن أيضا تعبئة عدد كبير من أفراد الاحتياط.