ينافح الإسرائيليون المدافعون عن خطة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، أنها تعد فرصة لتغيير المعادلة القائمة مع الفلسطينيين، خاصة في ضوء الاستخلاصات العسكرية والأمنية من الانسحاب الإسرائيلي من غزة قبل خمسة عشر عاما، وبدا لهؤلاء الإسرائيليين أنه خضوع أمام المقاومة الفلسطينية، بدليل استمرار تساقط القذائف الصاروخية حتى اليوم، والتخوف من تكرار الأمر في الضفة الغربية.
يرى هؤلاء الإسرائيليون أن ما يحصل في غزة هو نتيجة لموافقة (إسرائيل) على أن تكون الطرف الذي يدفع الثمن، عندما يكون الفلسطينيون غير راضين عن سلوكها تجاههم، ويوضح إطلاق قذائف الهاون من غزة إلى (إسرائيل)، أكثر من سبب لمطالبتها بالتغيير الاستراتيجي في شكل السيادة وفرض الضم في الضفة الغربية.
وفق الفرضية الإسرائيلية، فإن نهج التراجع والانفصال عن الفلسطينيين، أثبت أن تكلفته أعلى وأضراره قصوى، ولا يوجد بديل أسوأ من هذا، وفي النهاية فإن حقيقة فك الارتباط عن غزة أظهرت الإسرائيليين، كما لو كانوا يعملون لدى حماس، في مسائل الحماية الأمنية، ورغم المبالغة في هذا التشبيه، إلا أن مؤيدي خطة الضم يبدون معنيين بالضغط على صانع القرار للمضي فيها قدمًا إلى الأمام.
من مسوغات المسارعة في تطبيق خطة الضم أن نهج الحماية الذي تتبعه إسرائيل بعنوان "الهدوء من أجل السلام"، أفلس منذ زمن بعيد، والآن تم خلق الفرصة لتغيير قواعد اللعبة، فالصاروخ المنطلق باتجاه مستوطنات غزة، يهدد بتعطيل الحياة الإسرائيلية، وهذه المعادلة السائدة بغزة ثمرة التحركات الإسرائيلية "الغبية" وفق التوصيف الإسرائيلي، للبحث عن "الهدوء"، دون أي حماية حقيقية لأمن (إسرائيل).
اليوم، يبدو أن وضعًا تاريخيًّا نشأ، تدعم فيه الولايات المتحدة (إسرائيل) كما لم يحدث من قبل، وأظهرت عدد من الدول العربية رغبتها بالتقارب مع (إسرائيل)، وهذا الزخم قد يسمح لها بتغيير المعادلة بعد سنوات عديدة، والتوقف عن البحث عن اتفاقيات الحماية التي لا تجلب أي شيء، ووضع قواعد أخرى للعبة، لأن مسار السيادة وخطة الضم المفترض تطبيقها على الضفة الغربية وغور الأردن يمثل تغييرًا جذريًا في الاستراتيجية تجاه الفلسطينيين.
يزعم الإسرائيليون أن الفلسطينيين ليست لديهم الإرادة لتحقيق السلام مع (إسرائيل)، ومنقسمون أكثر من أي وقت مضى، ومهما كانت القوة بحوزة السلطة الفلسطينية، فليس لديها القدرة على نزع سلاح حماس، وفرض الأمن في الأماكن التي لا يوجد فيها الجيش الإسرائيلي، وثبت هذا الوضع لأيام وليال في قطاع غزة، وتتوج أخيرا بالانسحاب منه في 2005.
وهكذا تتضح نتيجة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بعد مرور كل هذه السنوات، بأنها باتت تمثل تهديدًا استراتيجيًا يأسر الجيش في ساحة ضيقة طوال أربع وعشرين ساعة في أيام الأسبوع السبعة.