يعيش الأسرى المرضى في سجون الاحتلال ظروفًا اعتقالية صعبة تجعلهم كل يوم عرضة للموت، وما فتئت حناجر أمهاتهم تناشد المجتمع الدولي التحرك للإفراج عنهم، والمقاومة الفلسطينية بوضعهم على رأس القائمة في أي صفقة تبادل.
وتقول والدة الأسير ياسر ربايعة إن صحة نجلها الأسير في سجون الاحتلال منذ عام 2001، تشهد تراجعًا مستمرًا على إثر إصابته بمرض السرطان.
ويعتمل نفس ربايعة قلق شديد لعدم تمكنها من زيارة ابنها منذ ثمانية أشهر حيث كان يخضع لعمليات جراحية ثم جاءت جائحة "كورونا" وتوقفت الزيارات.
ربايعة هو من سكان حي رأس البستان في بلدة العيزرية شرق القدس المحتلة، أسره الاحتلال في 20 يونيو/ حزيران 2001م، وهو ذاهب إلى عمله وكان يقود شاحنة، عندما لاحقته شرطة الاحتلال وطائرة عسكرية مروحية، وحكم عليه بالسجن المؤبد مدى الحياة و(10) سنوات.
وقالت: "أُصيب ابني بسرطان في الكبد وأجريت له عملية جراحية في عام 2007م ثم أصيب بسرطان القولون وأجريت له عملية أخرى اضطر على إثرها لتركيب كيس للبراز على جانبه الأيمن ما جعله يعيش وضعاً صحيَّا ونفسيَّا تعيسا".
وتناشد ربايعة المجتمع الدولي للعمل على الإفراج عن ابنها المريض لتتمكن من احتضانه وهي على قيد الحياة، إذ تقول: "أبلغ من العمر 75 عامًا وأعاني أمراضًا عدة وأتناول أدوية عدة لأتمكن من المشي.. وأتمنى رؤية ابني طليقًا قبل أن يتوفاني الله".
وتضيف: "توفي زوجي في عام 2016م بعد أن لم يتمكن من رؤية ياسر لمدة عامين متواصلين حيث أقعده المرض فعرضتُ عليه أن يزوره في سيارة إسعاف لكنه رفض (...) أراد أن تبقى صورته وهو قوي هي الأخيرة في ذهن ابنه معتبراً أن رؤية ابنه له وهو واهن قد تؤثر سلباً على نفسيته داخل السجن".
ودعت ربايعة المقاومة الفلسطينية بغزة لوضع اسم ابنها على قائمة الإفراجات، وأن يكون الأسرى المرضى الذين يعانون جميعًا على رأس أولوياتهم في أي صفقة للتبادل مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن الأسرى المرضى يتعرضون لإهمال طبي يهدد حياتهم "فقد كان ابني يتعرض للإغماء عند أخذ جرعات الكيماوي".
وتشير ربايعة إلى أنها تطمئن على ابنها – حال عدم تمكنها من زيارته- من خلال أهالي الأسرى الآخرين الذين يؤكدون أن وضعه الصحي صعب، قائلة: "ونحن الآن بالنا مشغول على أبنائنا في ظل "جائحة كورونا" ومرضهم وكوننا لا تعلم عنهم شيئاً".
أحوال السجون تتراجع
بدورها، أكدت الناطقة باسم مركز أسرى فلسطين للدراسات أمينة الطويل أن الظروف الاعتقالية للأسرى المرضى تضاعفت سوءًا في ظل أزمة "كورونا" حيث توقفت الزيارات ومنع الأسرى من الالتقاء بذويهم أو بالمحامين وحتى الخروج للعيادات.
وقالت الطويل لصحيفة "فلسطين": "الاحتلال يستغل الظروف الموجودة ويمنع زيارات الأسرى أو نقلهم للعيادات إلا بالحالات الطارئة جدًا، كما لا يتخذ الاحتلال أي إجراءات وقاية لحماية الأسرى من كورونا".
وعن أوجه المعاناة التي يواجهها الأسرى المرضى، أوضحت الطويل أنها تتمثل في النقص الحاد بالأدوية، وتأجيل العمليات الجراحية المقررة منذ سنوات، مشيرة إلى وجود حالات مرضية صعبة جدا تدهورت أوضاعها كالأسير كمال أبو وعر الذي فقد النطق بشكل نهائي وأصبح يتواصل مع الآخرين كتابة.
وبينت أن عدد المرضى من الأسرى يبلغ (1100) أسير، منهم (34) يعانون أحوالا صحية صعبة جدًا، و(27) مصابون بالسرطان و(5) بالفشل الكلوي إلى جانب عشرات الأسرى والأسيرات الجرحى.
وأفادت الطويل بوجود (15) حالة مرضية في سجن "الرملة" خاصة المصابين بالسرطان الذين يحتاجون لمتابعة طبية حثيثة وفحوصات دقيقة، "وقد فقدنا أسرى كثرا نتيجة تأخر إجراء الفحوصات الطبية".