بينما يتحضر الجيش الإسرائيلي لتنفيذ خطة الضم بالضفة الغربية، فإنه يستعد في الوقت ذاته لتصعيد محتمل في قطاع غزة، في ضوء التقدير السائد داخل المؤسسة العسكرية الذي يفيد بأن تنفيذ تلك الخطة قد ينهي ترتيب صفقة تبادل أسرى مع حماس، وتصعيد الواقع الأمني في غزة.
تتحدث الأوساط الأمنية والعسكرية الإسرائيلية ذاتها أن الحالة القائمة في القطاع، وهي العالقة منذ أشهر عدة، قد تسهم بممارسة الضغط على الجهات الرسمية في غزة، التي تأملت في تحول اقتصادي، ولو كان تدريجياً، وإلا فإن كبح الأنشطة المسلحة قد يتوقف، والمظاهرات الحدودية قد تعود.
تقدر المحافل الإسرائيلية أن حماس ستجد صعوبة في التفاوض معها حول صفقة تبادل في ظل عملية الضم، ولذلك أبلغ كبار جنرالات الجيش وزير حربهم بيني غانتس بأن الوضع في غزة حساس للغاية، وقد يؤدي لتصعيد إطلاق الصواريخ، وعودة المظاهرات بالقرب من السياج الحدودي.
تسبب التوتر الحذر المحيط بقطاع غزة بإجراء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية مناقشة متعمقة قبل أسابيع مع كبار مسؤولي الجيش، حول حركة التسلح المتمركزة في حماس، وتزايد إطلاق التجارب الصاروخية في غزة.
أخذت النقاشات الإسرائيلية بعين الاعتبار فرضية ما تشهده حدود غزة من هدوء نسبي، لكنها منحت حيزا من الحديث حول ما تقوم به حماس من تدريبات مكثفة لقواتها، وتحسين ترسانتها، وجهودها لتطوير وصنع الصواريخ والقذائف، وإرسال الطائرات دون طيار، وإجراء تجارب على مستوى سطح البحر لتحسين مدى وحجم الرأس الحربي والدقة.
كل ما تقدم من استعدادات إسرائيلية يعطي صورة مصغرة عما تخشاه الأوساط الأمنية والعسكرية من سيناريوهات تتحدث عن حالة حرب، وعودة للعمليات الفلسطينية بعد تنفيذ خطة الضم، ولم يعد سرا أن الجيش يتحضر للتبعات المترتبة على خطة الضم قبل أسبوعين فقط من بدء فرضها، ويخشى إمكانية انفجار الموقف الميداني، بما في ذلك العودة للهجمات المسلحة، بما فيها إطلاق النار والعمليات التفجيرية.
اللافت أنه رغم اقتراب الموعد المحدد لفرض الخطة وفقا لمواعيد نتنياهو، فإن كبار ضباط الجيش يشكون أنهم يعيشون حالة من الضبابية تجاه الخطة، ولا يحصلون أولا بأول على أهم تفاصيلها وبنودها، ولا يعلمون الأراضي التي ستشملها خطة الضم، وما الذي سيحصل بالضبط الشهر القادم.
الانطباع السائد في (إسرائيل) أن خطة الضم ستترك تأثيراتها المباشرة على الواقع الميداني مع الفلسطينيين، ما يدفع الجيش للتعامل مع سيناريوهات متوقعة، أولها المظاهرات الشعبية العارمة، والثانية عمليات إطلاق النار ضد الجنود والمستوطنين، وثالثها وهو الأخطر، العودة للعمليات التفجيرية في الحافلات والمطاعم، وهي مرحلة يعيقها الكثير من العقبات الفلسطينية الداخلية، والإسرائيلية الخارجية.