شغلنا الحديث في الأيام الماضية حول خطة الضم الإسرائيلية، عن مرور الذكرى السنوية العاشرة للجريمة الإسرائيلية ضد أسطول الحرية المعروف بـ"حادثة مرمرة" الذي وصل إلى شواطئ غزة قبل عقد من الزمن، وما تركه من تأثير سلبي، وشبه قطيعة في العلاقات التركية الإسرائيلية.
اليوم، وبعد عشر سنوات من تلك الحادثة، بات من الواضح أن إسرائيل وتركيا تدركان أن علاقتهما لن تعود لشهر العسل الذي ساد حقبة التسعينيات، وكل التقارير الأخيرة التي تفيد بأن تطبيع العلاقة سيعود، مبالغ فيها، رغم وجود علامات إيجابية.
من هذه المؤشرات موافقة تركيا خلال أزمة كورونا على تصدير أدوية لإسرائيل، وهبوط طائرة شحن إسرائيلية بتركيا تحمل صادرات للولايات المتحدة، مع أن هبوط طيرانها في أنقرة غير معتاد منذ عقد من الزمن، رغم عدم وجود تبادل سفراء بين الجانبين حتى الآن.
اليوم، نستذكر شروط تركيا على إسرائيل لتطبيع العلاقات: الاعتذار، والتعويض، ورفع حصار غزة، تحقق الأولان، وبقي الأخير، بل أضيف بند جديد ساهم بتوتير علاقاتهما، وتمثل بانطلاق مسيرات العودة بغزة عام 2018.
لكن جملة تطورات تزيد توتر العلاقات التركية الإسرائيلية، أهمها خطة الضم بالضفة الغربية، ومفاوضات إسرائيل والسعودية لإيجاد موطئ قدم لها في الحرم القدسي على حساب تركيا، التي أصبحت لاعبا رئيسا بالقدس، وتمول البناء والنشاط المدني فيها، ودليل على تطلعاتها المهمة للتأثير.
إقليميا، يرسل الأتراك سفن الحفر للمياه القبرصية، ويمكن رؤية القوات البحرية التركية بالمنطقة، بجانب المزيد من السفن الدوارة، وهذا تطور مثير للقلق الإسرائيلي.
والأتراك علاقتهم جيدة مع إيران، ولديهما شراكة تجارية، فإيران مورد مهم للطاقة في تركيا، صحيح أن تركيا لا تريد إيران نووية، لكن هذا لا يعني تعاونها مع إسرائيل ضدها، فمن الناحية العملية، يختلف النهج التركي في معالجة المشكلة الإيرانية اختلافا كبيرا عن إسرائيل، ولا يعدها تهديدا وجوديا، كما يرى.
رغم التعقيدات السياسية، فإن التجارة المتبادلة الإسرائيلية التركية بلغت 5 مليارات دولار، ولا تزال تشكل الدعامة الأساسية للحفاظ على علاقاتهما، فحزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان يدرك أن ما سيبقيه خلفه في السلطة اقتصاد قوي، فلم يمس العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، باستثناء صعوبة تنافس الشركات الإسرائيلية في المناقصات الحكومية.
كما يميل الميزان التجاري بين إسرائيل وتركيا لصالح الأخيرة، التي تستورد أكثر من صادراتها، وفي 2019، تم تسجل رقم قياسي بعدد السائحين الإسرائيليين لتركيا بزهاء نصف مليون، ويقترب من عدد السائحين في تركيا قبل أحداث مرمرة، ما دفع بالخطوط الجوية التركية للإعلان أن خطها بين إسطنبول وتل أبيب أحد أكثر خطوطها ربحية.