فلسطين أون لاين

آخر الأخبار

تقارير عبريَّة: هكذا هزمتنا فلسطين إعلاميًّا.. وأبو شمالة يعلِّق: الاعتراف نتاج للواقع الميدانيِّ بغزَّة

دبلوماسيّ سابق لـ "فلسطين أون لاين": استمرار الحرب على غزَّة يساهم في شلِّ قدرة الاحتلال

أوقعتْ 20 قتيلًا.. الداخليَّة بغزّة توضح تفاصيل حملةً ضد عصابات سرقة شاحنات المُساعدات

إنَّهم يألمون.. حزب اللَّه يكشف عن مصير ضبَّاط إسرائيليِّين توغَّلوا في لبنان (فيديو)

"ملحمةُ الطُّوفان".. القسّام تبث مشاهد لمخلفات جنود قتلى وبدلة ملطخة بالدماء في معارك شمال غزّة

تعذيب عبر "فتحة الزنزانة".. شهادات جديدة لأسرى من غزَّة يكشفون كيف تفنَّن الاحتلال في تعذيبهم

لازاريني: لا خطّة بديلة لوجود أونروا في الأراضي الفلسطينيّة

مستجدَّات جديدة حول حادثة إطلاق قنابل ضوئيَّة على منزل نتنياهو

حماس تردُّ على مزاعم "إسرائيليَّة" حول انتقال قيادات الحركة من قطر إلى تركيا

فقدوا الكثير من أوزانهم... 280 أسيرًا قاصرًا يعانون التَّعذيب والتَّجويع في سجن مجدو

دعائم قوة دولة الاحتلال

لم تكن نشأة دولة الكيان الصهيوني طبيعية ولا تزال معالم الجريمة التي ارتكبتها العصابات الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني بارزة وآثارها حاضرة ومشهودة.. لم يكن بمقدور العصابات الصهيونية وحدها أن تحسم المعركة مع أصحاب الأرض الذين استبسلوا في الدفاع عن أنفسهم وقراهم ومدنهم وأرضهم بالرغم من قلة الإمكانات، لكن الانتصار الذى حقّقته هذه العصابات واستطاعت إقامة دولتها عام ١٩٤٨ والتوسع الذى حققه المشروع الصهيوني بعد ذلك ولا يزال يفرض قوته وتمدده الذى ليس له حدود، كما أنه يفرض وقائع جديدة ليس فقط على مستوى فلسطين بل على مستوى المنطقة العربية والإسلامية والعالم كله، والذي اُصطلح على تسميته المشروع الصهيوأمريكي، وقد يتغير مستقبلا إذا تعرضت الامبراطورية الأمريكية للانهيار.. لكن نواة المشروع المركزية هي الدولة التي أقيمت على أرض فلسطين. وقد اعتمد في إقامتها على أربع دعائم أساسيّة:

١- ضعف العالم العربي: والذى خضع لهيمنة وسيطرة الغرب في بدايات القرن العشرين، وساعد الغرب بالانقضاض على الخلافة العثمانية ولم يحقق له الغرب أحلامه بخلافة عربية ثم جاءت اتفاقية سايكس-بيكو بتجزئة العالم العربي خصوصا دول الجوار لتسيطر بريطانيا على مصر والعراق والأردن وفلسطين وتتحكم في سياسات هذه الدول بنفس ما فعلته فرنسا التي سيطرت على سوريا ولبنان، وإصدار وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين عام ١٩١٧ في نفس العام الذى احتلت فيه بريطانيا فلسطين، وفي عام ١٩٢٣ أقرت عصبة الأمم الانتداب البريطاني على فلسطين، وبالرغم من إنشاء الجامعة العربية عام ١٩٤٥ إلا انها فشلت في تنفيذ استراتيجية عربية موحدة لتحرير فلسطين ولم يكن تشكيل جيش الانقاذ من سبع دول عربية عام ١٩٤٨ إلا ديكورًا من ٢٣ ألف متطوع وأسلحة فاسدة وبدائية أوهموا الفلسطينيين المنكوبين حينها أنهم سيقاتلون عنهم مقابل مئة ألف مجند ومجندة نظاميين ومدربين من العصابات الصهيونية ومزودين بكافة أنواع الأسلحة ومصفحات ودبابات وطائرات، مخلفات الاحتلال البريطاني التي سلمها للعصابات اليهودية حينها، وكانت النتيجة احتلال أكثر من ثلاثة أرباع فلسطين عام ١٩٤٨. وعندما صدقنا أنظمة العسكريتاريا عام ١٩٦٧ ضاعت كل فلسطين وجزء من دول الطوق العربية. وقد شكك البعض في أن إنشاء الجامعة العربية كان بإيحاء من وزير خارجية بريطانيا حينها أنتوني ايدن عام ١٩٤٣. ولم يكن للجامعة دور يُذكر في أي مشروع نهضوي عربي بل أحيانا وجدناها عاملاً مساعداً للغرب وامريكا بزيادة الهيمنة على مقدرات الأمة العربية، وتساوقت في كثير من الأحيان قراراتها مع قرارات امريكا والغرب من خلال الامم المتحدة للانقضاض على أي نظام عربي يرغب في التغيير نحو النهضة أو امتصاص نقمة الشعوب على أنظمة يدعمها الغرب وأمريكا. وأخيرا رأينا كيف أقرت الجامعة العربية مبادرتها في بيروت عام ٢٠٠٢ بالاعتراف بالكيان الصهيوني ونزلت عن قرارات الامم المتحدة ٢٤٢ و٣٣٨ بتبادل أراضي مقابل أن تصنع (اسرائيل) سلاما مع العرب وتعطي الفلسطينيين دولة على جزء من أراضي ال٦٧ لكن شارون حينها بعث الى المجتمعين في بيروت أن المبادرة العربية لا تساوي الحبر الذى كتبت به وكان رده عليها مذبحة جنين ودمار مخيمها.. وما وصل إليه حال بعض الأنظمة العربية اليوم من تطبيع ونسج علاقات مع الكيان الصهيوني في جميع المجالات فيما يتم التضييق على الفلسطيني وحرمانه من دخول العواصم العربية ويُسمح للصهاينة بالدخول إليها وإقامة المشاريع والعمل والسياحة. وإعلان صفقة القرن جاء صفعة قوية للنظام العربي الهزيل بفرض الاعتراف بـ(إسرائيل) دولة يهودية بعد اتمام الضم للضفة الغربية والقدس والجولان وأراضي ال٤٨ التي لم يعد الحديث عنها أرضًا فلسطينية بل أقرها اتفاق أوسلو كأرض إسرائيلية، لتكون دولة الكيان دولة معترف بها عربيا وقد تكون في المستقبل القريب عضوًا في الجامعة العربية وهى الان تعتبر جزءًا من التحالف السني الأمريكي الذى يعتبر ايران هي العدو المركزي لدول المنطقة.

٢- دعم الاحتلال البريطاني (١٩١٧ - ١٩٤٨): منذ اصدار وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين حتى خروج جيش الانتداب البريطاني من فلسطين والذى عمل على فتح باب الهجرة لليهود من كل العالم إلى فلسطين وفى عام ١٩٤٨ خرج الانتداب من فلسطين -بعد تقوية شوكة العصابات الصهيونية- تاركا كل ما يملك من سلاح ثقيل وخفيف ومدافع ودبابات وطائرات، وساعد في تدريبات قتالية لعناصرها في الوقت الذى عملت قوات الانتداب البريطاني جاهدة على ملاحقة الثوار الفلسطينيين واعتقالهم واعدامهم وحاولت اجتثاث المقاومة الفلسطينية حينها قبل الهجوم الكبير الذى شنته العصابات اليهودية على الشعب الفلسطيني واستخدمت كل ما في جعبتها من وسائل قتل وحرق وبقر بطون النساء ودمار وتشريد وملاحقة.

٣- العلاقة العضوية- الإستراتيجية بين الولايات المتحدة الامريكية ودولة الكيان التي تقدم كل ما يحتاج اليه من دعم مادى ولوجستي وسياسي ومعنوي في المحافل الدولية وحماية دولة الكيان من أي قرار أممي قد يكون في غير صالحها باستخدام الفيتو الأمريكي الذى كان ولا زال حاميًا ومدافعًا عن جرائم الاحتلال التي يرتكبها ليل نهار ضد الشعب الفلسطيني. وأمريكا أول دولة في العالم اعترفت بدولة الاحتلال بل إنها تعتبرها الولاية الامريكية الحادية والخمسين، واللوبي اليهودي في امريكا هو الذي يسيطر على صانع القرار هناك من خلال سيطرة رجال المال والأعمال اليهود وأيضًا كبرى وسائل الاعلام في امريكا التي تؤثر في اتجاه الانتخابات الامريكية يمتلكها اليهود، وتعتبر امريكا دولة الاحتلال هي اليد الطولى لها في المنطقة العربية التي تكرس التجزئة والتبعية والضعف العربي وكل الادارات الامريكية المتعاقبة منذ قيام دولة الاحتلال داعمة اساسية للكيان الصهيوني وجاءت صفقة القرن لتثبيت اركان دولة الاحتلال الصهيوني على ارض فلسطين وتصفية القضية الفلسطينية واعلان يهودية الدولة التي يجب أن يعترف بها الفلسطينيون والعرب مقابل دولة فلسطينية بلا كيان ولا سيادة ولا مقومات دولة، وتشبه كل شيء إلا الدولة.

٤- تجنيد العملاء: تعدّ دولة الاحتلال العملاء الذين يمدونها بالمعلومات ركناً أساسيا من أجل الاستمرار في الحفاظ على وجودها وحمايتها من أعدائها، لذا لم تترك مكانا في هذا العالم إلّا وقد زرعت فيه لها جواسيس، بداية من العدو المباشر لها الشعب الفلسطيني بكافة مكوناته وشرائحه من ضعاف الانفس الذين خضعوا للإغراءات والابتزازات والضغوطات الصهيونية واستخدمتهم المخابرات الصهيونية جواسيس على أبناء شعبهم ومقاومته، وصولا الى زرع جواسيس في البيت الابيض الذى يُعدّ الحليف والصديق الأعظم لدولة الكيان في العالم مرورا بزرع الجواسيس في الكرملين (البرلمان الروسي) ودول أوروبا الشرقية قبل انهيار الاشتراكية ودول اوروبا الغربية وفى الدول العربية وأفريقيا وأسيا.

فقد شكلت عصابة الهاجناة جهاز الموساد منذ عام ١٩٣٥ قبل نشأة دولة الاحتلال. وساعد حينها في تهجير اليهود من كل دول العالم. وتمت اعادة تنظيمه عام ١٩٥١ ليصبح تابعا لرئيس الوزراء، وهو الجهاز المسؤول عن عمليات اغتيال كبار رجال المقاومة الفلسطينية في الدول العربية والأجنبية وتصفية علماء مصريين وعراقيين وايرانيين، وهناك تقارير غربية تؤكد ان جهاز الموساد هو اول جهاز مخابرات في العالم يستكشف ويساعد في انهيار الامبراطورية الروسية قبل المخابرات المركزية الامريكية (سي آي ايه). ولا يزال يقوم الموساد حتى الان بعمليات التجسس ضد الدول المعادية والصديقة، الى جانب جهاز الشاباك (الأمن الداخلي في حدود فلسطين) وجهاز أمان (جهاز الاستخبارات العسكرية) وليس غريبا أن الموساد هو الذى جلب مؤخرا ملايين فحوصات فيروس كورونا مؤخرا إلى الكيان الصهيوني من دول لا تقيم علاقات سياسية مع دولة الكيان. وتعتبر دولة الاحتلال أن جهاز الموساد من اهم الادوات الاستراتيجية لمواجهة تحديات الامن القومي الصهيوني بمختلف أشكالها والنظرية الصهيونية تقول بأن أجهزة جمع المعلومات هي التي أدت إلى قيام دولة الاحتلال ولها الفضل الأكبر في تحقيق أهداف الدولة الصهيونية.

هناك عوامل قوة أخرى ساعدت في نشأة دولة الاحتلال والاستمرار في تراكم قوة المشروع الصهيوني وتثبيت وجوده على أرض فلسطين، وهو ما يتعلق بالفلسطينيين أنفسهم بداية من التنازع العائلي على فرض النفوذ في أوساط المجتمع الفلسطيني وتحالف بعض العائلات مع قوى خارجية عربية وأجنبية والتدخلات المستمرة من زعامة هذه العائلات لوقف انتفاضات الشعب الفلسطيني التي لم تتوقف ضد الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية، وما وصل اليه الوضع الفلسطيني من انقسام سياسي حاد بين مشروع المقاومة ومشروع التسوية السياسية التي اتخذت من مفاوضات السلام مع العدو الصهيوني مسارا سياسيا لها وانهيار المشروع الوطني الفلسطيني التحرري الذى لم يعد جامعا للكل الفلسطيني.