هل حدثت تغيرات على الأرض أثرت على أمن الإسرائيليين فجن جنونهم؟ هل تاه المستوطنون على طرقات الضفة الغربية، واصطدموا بالحجارة؟ هل انفجر الشعب الفلسطيني ضد الصهاينة غضبًا وانتفاضة؟ هل أشرقت الشمس مبتسمة للقرارات الفلسطينية التي أظلم لها ليل الإسرائيليين؟ هل حقًّا توقف التنسيق والتعاون الأمني بين أجهزة المخابرات الإسرائيلية والفلسطينية، واصطدم الإسرائيليون بمواجهة الأجهزة وهم في طريقهم لاقتحام المدن، واعتقال الشرفاء؟ وهل صارت بطاقات VIP بلا قيمة، وداس عليها الشعب بحذاء الوطنية؟
من حق الشعب الفلسطيني أن يتساءل عن نتائج التحلل، وهل للتصريحات اللفظية رصيد على أرض الواقع، أم أنها مجرد لغو الكلام؟
سنكرر القول: إنه بتاريخ 25/7 من عام 2019، أعلن السيد محمود عباس عن وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل)، بما في ذلك التنسيق والتعاون الأمني، وبعد شهر من ذلك التاريخ، طالبنا كغيرنا من الكتاب والسياسيين بتطبيق القرار على أرض الواقع، كي لا نبدو شعبًا مغفلًا، وبعد شهرين تكررت المطالبة بتطبيق القرار، وقد كتبت مقالًا تحت عنوان: عبرنا إلى الشهر الثالث لقرار وقف العمل بالاتفاقيات، ولكن دون أن نرى شيئًا على أرض الواقع.
في شهر مارس من سنة 2015 اتخذ المجلس المركزي قرارًا يلزم اللجنة التنفيذية للمنظمة بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل) في غضون ثلاثة أشهر، بما في ذلك وقف التنسيق والتعاون الأمني، ومضى على القرار خمس سنوات ونيف، ولم يطبق القرار، فماذا نعمل؟ ما واجبنا نحن الفلسطينيين إزاء قيادة تتخذ قرارات تنسجم مع مزاج الشارع، وتعبر عن غضبه، ولكنها بعيدة عن التطبيق؟ ما العمل؟
اليوم يمر أسبوعان على قرار السيد عباس بالتحلل من الاتفاقيات الموقعة مع (إسرائيل)، ولم يرَ الفلسطينيون أثرًا لهذا القرار، ولم يرَ الإسرائيليون أي انعكاس لهذا القرار على حياتهم الأمنية؟ فالقرارات المصيرية تقلب الواقع، وتهدم أركان الأمن الإسرائيلي، فهل تحقق ذلك؟
إننا نطالب القيادة الفلسطينية بأن تقدم لنا الدليل على التحلل من الاتفاقيات، وأول دليل هو الوحدة الوطنية، ومعالجة الشلل الذي يصيب النخاع الشوكي لمنظمة التحرير، ودون هذا الشاهد الملموس فلن يقبل الشعب الفلسطيني شهادة باطل تدعي التحلل من اتفاقيات أوسلو وإفرازاتها.
مزاج الشعب الفلسطيني يقول: إذا كانت القيادة الفلسطينية ستتضرر على المستوى الشخصي من وقف التنسيق والتعاون الأمني، وسينتهي دورها الوظيفي الذي حددته اتفاقية أوسلو، فإن أرض فلسطين تمتد حتى غزة، والتي تصلح لأن تكون نقطة وئام وانطلاق لغد موجع للاحتلال، أما إذا بقي هذا الحال على ما هو عليه، فإن فلسطين كلها ستضيع مع كل يوم يمر لا يتوقف فيه العمل بالبند 12 الفقرة الثالثة من اتفاقية أوسلو 2 والتي قررت تشكيل لجنة تنسيق وتعاون مشتركة من أجل الأمن المتبادل، ستسمى "JSC".
ملحوظة: من المحال أن تغلق القيادة الفلسطينية بوابة (JSC ) إلا إذا فتحت بوابة غزة على كل احتمال.