فلسطين أون لاين

​تحليل: داخلية غزة تدخل حرباً جديدة ضد العملاء

...
صورة أرشيفية لإعدام عملاء في غزة
غزة - عبد الله التركماني

تدلل كافة المؤشرات على أن للعملاء المتخابرين مع أجهزة أمن الاحتلال الإسرائيلي في غزة، دورا كبيرا في عملية اغتيال الأسير المحرر القائد مازن فقها، فالولوج إلى المجتمع الغزي والتخفي وسطه بسهولة لتنفيذ مثل هذه العملية، أمر لا يصنعه إلا أشخاص يعيشون في هذا المجتمع ويخونون عهده وميثاقه وفق خبراء أمنيين وسياسيين تحدثت معهم صحيفة "فلسطين".

وكانت وزارة الداخلية والأمن الوطني، أعلنت مساء أول من أمس، عن عزمها اتخاذ إجراءات مشددة ضد عملاء الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

وقال المتحدث باسم الوزارة إياد البزم في تصريح صحفي نشره عبر صفحته في موقع "فيس بوك": "في سياق متابعة قضية اغتيال الشهيد مازن فقها، ستقوم وزارة الداخلية والأمن الوطني بإجراءات مشددة ضد عملاء الاحتلال خلال الساعات والأيام القادمة"، مؤكداً أن هذه الإجراءات تهدف "للحفاظ على أمن مجتمعنا الفلسطيني".

ويأتي هذا القرار في أعقاب عملية اغتيال الأسير المحرر القائد مازن فقها على يد مجهولين يوم الجمعة في 24 مارس الماضي، حيث اتهمت حماس (إسرائيل) بالوقوف خلف هذه الجريمة، فيما توعد جناحها العسكري كتائب القسام بالرد عليها.

إجراءات متدرجة

الخبير في الشؤون الأمنية الفلسطينية إسلام شهوان، يرى أن إعلان وزارة الداخلية عن تشديد الإجراءات ضد العملاء، يدلل على أن الأجهزة الأمنية في غزة تقوم بإجراءات متدرجة تأتي في إطار المعالجة الأمنية في قضية اغتيال الشهيد مازن فقها.

وقال شهوان لصحيفة "فلسطين": "لولا العملاء لما حدثت عملية الاغتيال، الذين بالتأكيد قدموا معلومات مسبقة تمهد لتنفيذ هذه العملية، لذلك لا بد من معالجة أمنية لما حدث".

وأوضح أن هذا الإعلان لا يعني أن وزارة الداخلية كانت متراخية في مسألة العملاء، "فهي تتابعهم باستمرار وتلاحقهم وتعتقلهم، ويتم إنزال عقوبات قاسية ضدهم تصل إلى الإعدام، ولكن المطلوب هو تشديد الخناق بشكل منتظم وليس في إطار حملات محدودة الزمن فقط".

وبيّن شهوان أنه لمس من إعلان الداخلية سالف الذكر، أن الأيام القادمة ستشهد معالجة حقيقية وحازمة لقضية العملاء العاملين مع الاحتلال على الأرض، مضيفاً: "هذا الإعلان وإن كان متأخراً، لكنه يأتي ضمن سلسلة التحقيقات للكشف عن الجناة الذين قاموا باغتيال فقها".

من جهة أخرى، رأى الخبير في الشؤون الأمنية أن حركة حماس والأجهزة الأمنية في غزة تخوض معركة صراع أدمغة مع الاحتلال للكشف عن تفاصيل عملية الاغتيال، وقال: "الأيام الماضية حملت إشارات حول ذلك، فمن قام بالاغتيال يعرف العقلية الأمنية للمقاومة ولقوات الأمن في غزة، لذلك هو محترف وهذا يجعل التحدي أمام حماس أكبر".

ولفت شهوان النظر إلى أن عملية الاغتيال تدلل على أن العمل الأمني ليس عبارة عن ردات فعل فقط، بل نظريات مدروسة، "لذلك الحدث بحاجة لمعالجة أمنية معقدة لمنع تكرار مثل هذه الأحداث والعمليات في غزة".

رؤية واضحة

المحلل السياسي مصطفى الصواف، يرى أن للعملاء والمتخابرين مع الاحتلال دورا كبيرا في عملية اغتيال مازن فقها، من حيث مراقبة تحركاته ربما أو تقديم معلومات عن أماكن تواجده والتي مهدت بشكل رئيسي في تنفيذ هذه العملية الجبانة.

وقال الصواف لصحيفة "فلسطين": "للعملاء دور واضح في اغتيال المحرر فقها، حتى وإن افترضنا أنهم لم ينفذوا هذه العملية بأيديهم، ولكن القضية لا تزال تحت التحقيقات والبحث والجهات الأمنية لا تزال تمارس دورها بهذا الخصوص، وسواء كان المنفذ هو من جهة العملاء أو من جهة أجهزة الاحتلال إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية ملاحقة العملاء وتشديد الخناق عليهم".

واستخلص المحلل السياسي من تصريح وزارة الداخلية بتشديد الإجراءات ضد العملاء، أنه أصبح للأخيرين نشاط ملحوظ على الأرض، وأن أجهزة الأمن تريد شن حملات منظمة ضدهم كما السابق، وعدم إتاحة الفرصة أمامهم لممارسة دورهم الخياني والتعاوني مع الاحتلال.

واستبعد الصواف تماماً، أن يكون إعلان وزارة الداخلية باتخاذ إجراءات مشددة ضد العملاء قد جاء كـ"تحصيل حاصل" كما فسرها بعض نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، وقال: "لا اعتقد أن هذا التصريح يعد تحصيل حاصل، بل ناتج عن رؤية واضحة وهو يعبر عن عملية انتقال إلى سياسة تحمل إجراءات أكثر حزماً ضد العملاء من خلال تشديد مراقبتهم وتشديد الخناق عليهم بالإضافة إلى تنفيذ عقوبات رادعة بحقهم".

ورأى أن حركة حماس تعتبر الكشف عن ملابسات وكواليس اغتيال فقها، بمثابة تحدٍ مع الاحتلال، معتبراً أن الحركة تخوض صراع أدمغة مع الاحتلال على كافة المستويات, الأمر الذي يجعلها مصرة بشكل كامل على متابعة التحقيقات حتى آخر لحظة.

ولفت الصواف النظر إلى أن العملاء يعتبرون جزءا من هذا الصراع، وتابع: "واضح تماماً أن الاحتلال لا يزال يجيش المزيد من العملاء على الأرض من خلال وسائله المعهودة وإسقاط أصحاب الحاجة في وحل العمالة، لذلك أجدد هنا التأكيد على أن تشديد متابعة ومراقبة ملف العملاء أمر في غاية الأهمية".