صرخ الراعي وقال: الذئب
أكل غنمي.. هرع الناس فوجدوه يكذب
ثم تكرر بعد حين وقال الراعي: أنقذوني.. فذهب الناس
فوجدوه يناور
وبعد أيام صرخ وقال: أنقذوني فلم يذهب أحد..
وحينها أكله الذئب مع الأغنام
لكن مع فلسطين في كل مرة مع كل صرخة أنقذوني لا نملك إلا أن نصدق، لأنها فلسطين ولأنها لا تحتمل أن نختبر صدق النوايا من عدمه فتضيع الفرصة في الدفاع أو الاستثمار ونخسر.
بعد وقف التنسيق الأمني وإبلاغ الجانب الإسرائيلي بالقرار وما انبنى عليه من إجراءات نشاهدها نختلف في استراتيجيتها وثباتها بين مؤيد ومشكك ومستبعد، انطلاقًا من التجارب السابقة.
لكننا في نقطة مختلفة؛ أولًا من حيث السياق التاريخي، وحجم المخاطر والأضرار التي لحقت بالقضية الفلسطينية في كل ثوابتها ومقدساتها، ولم يبقَ أمل يُبنى عليه من السلطة وقيادتها بمنع حالة الانهيار وضياع الحقوق بعد التهويد والاستيطان والضم.
توقف التنسيق الأمني إن كان استراتيجيًا فيبنى عليه باتجاه بناء رؤية استراتيجية للتعامل مع المرحلة القادمة على قاعدة التوافق الوطني فيما يتعلق بمواجهة المخاطر سياسيًا ونضاليًا، وإن كان الموقف تكتيكيًا فيجب العمل على تحويله لموقف استراتيجي من خلال الأداء الصحيح ومواجهة تحديات الأسابيع القادمة بمنتهى الوعي واليقظة.
الاحتلال سيجعل ثمن توقيف التنسيق الأمني باهظًا، وتكلفته عالية.
الاحتلال بكل مكوناته العسكرية والأمنية والسياسية لم يكن ولن يكن جمعية خيرية، ومن بنى من الفلسطينيين علاقات على مستوى شخصي من خلال مقرات الـ DCO مع الضباط في الجيش ويتوهم أنها ستحول دون أن تقدم المؤسسة الأمنية والعسكرية مقترحات وتنفذ إجراءات صارمة مخطئ.
الجيش بدأ بحزمة الإجراءات وتنفيذ السياسات، وأول خطوة جاءت من خلال ممارسة الحرب النفسية التي تقوم على التالي:
- تخويف السلطة من حركة حمــاس خصوصًا والمقاومــة عمومًا.
- تيئيس الفلسطينيين بشكل مطلق من إمكانية وقف التنسيق الأمني حتى لو قويض بالحقوق الوطنية.
- ممارسة الحرب النفسية والشواهد كثيرة، آيزنكوت يجهز الجيش، المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي ستفتح ضمن قيود وإجراءات تتدخل بالأعداد والأوقات والأبواب.
- التشتيت وصرف الانتباه.
- رفع سقف التوقعات ثم اتخاذ إجراءات أقل بكثير من المعتاد.
- بث الكذب والإشاعات.
في الأيام القادمة سيحاول العدو تقديم دلائل وبراهين على الحرب النفسية والإشاعات والأكاذيب التي يمارسها من خلال الإعلان عن اعتقال مجموعات لحركة حـماس (زورًا) كانت تنوي تنفيذ عمليات تؤدي لاتخاذ الجيش إجراءات ضد السلطة، ودفع عدد من الموتورين للخروج بمظاهر فوضى وفلتان ترعب السلطة خاصة في البلدات والقرى التي يتعذر تعزيز قوات الأمن والشرطة فيها إلا بتنسيق.
والضغط على العمال من خلال منع وصولهم إلى أماكن عملهم بحجة عدم وجود التنسيق، وكذلك عمليات التنقل للمزارعين والمرضى والطلاب من محافظة إلى أخرى ومن الوطن إلى خارجه، وأمور كثيرة تتعلق بأذونات وتنسيق مع الاحتلال سيستدعيها ويحاول توظيفها لتوفير مبررات عودة السلطة عن قرارها أو إجبارها عليه.
هذا يحتاج لقدر عال من التنسيق والتفاهم، مرحلة تحتاج لنسمع بعضنا بعضًا، ونتفاهم على لغة واحدة نواجه فيها التحديات القادمة، فقرار وقف التنسيق يمثل فرصة كبيرة جدًّا لخروج الفلسطينيين من عنق الزجاجة على صعيد وطني ونضالي، فبمجرد الثبات على هذا الموقف يعني دفن 80% من حالة الانقسام،
في المقابل عدم التمسك بموقف وقف التنسيق والثبات عليه يعني موت فرص التوافق والالتقاء في المنظور القريب، فاجعلوا من التحدي فرصة، ومن الابتلاء منحة نخرج معًا في موقف يعزز الدفاع عن فلسطين وتحريرها.
"إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص".
واعلموا يقينًا أنه لا يحدث في ملك الله إلا ما أراد الله