بينما يستعد الجيش الإسرائيلي لوقف فوري للتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، فإن الأمن الإسرائيلي يُحذِّر أنه إذا عادت الهجمات الفلسطينية فإن الجيش سيعود للضفة الغربية، وبات مطلوبا من المنظومة الأمنية الإسرائيلية تنبيه قيادتها السياسية أنها تجر المنطقة للتصعيد العسكري، وتلقى جنرالات الجيش ملخصا للتعليمات التي أصدرها عباس بشأن إنهاء التنسيق الأمني، وتهدف لوقف التحرك الإسرائيلي لضم المستوطنات وغور الأردن.
ترى أوساط أمنية إسرائيلية أن سلوك المستوى السياسي الإسرائيلي لم يترك خيارًا أمام عباس سوى قطع التنسيق، وإلا فسيُنظر له أنه متعاون أمني مع (إسرائيل)، وفي هذه الحالة قد تعود الهجمات المسلحة ضد المستوطنين والجنود نتيجة فقدان السيطرة الميدانية من جهة، أو نقص التنسيق الأمني من جهة أخرى.
في هذه الحالة سيبدو واضحا أن جيش الاحتلال سيضطر للعودة للأراضي الفلسطينية دون خيار، مع أن هذا آخر شيء تريده السلطة، ما يؤكد أنها لا تنوي كسر الأواني أمام (إسرائيل)، وفي حالات استثنائية ستتخذ خطوات لمنع التدهور، فإذا دخل المستوطنون عن طريق الخطأ للمدن الفلسطينية، فسيعيدهم الأمن الفلسطيني لـ(إسرائيل).
التنسيق بين السلطة و(إسرائيل) موجود في مجالات عدة، فالصعيد المدني يشمل منح تصاريح العمال، ودخول المرضى للعلاج الطبي في المستشفيات الإسرائيلية، وفي الجانب الأمني، فإن التنسيق يمكّن الجيش وحرس الحدود من دخول المناطق الخاضعة للسيطرة الفلسطينية من أجل الاعتقال أو تسيير الدوريات، والنقل السريع الذي يشمل التسليم السريع للمستوطنين الذين يدخلون مناطق (أ) عن طريق الخطأ، وهي حالات يُعرّفها الجيش أنها خط أحمر، وقد تؤدي لتصادم فوري مع الفلسطينيين.
المجال الأمني يشمل نقل المعلومات من (إسرائيل) لأجهزة السلطة حول النشاطات الفدائية من المنظمات الفلسطينية، لكن السؤال الكبير ما إذا كان عباس على استعداد للذهاب حتى النهاية في قراره هذا، حتى لا يبدو متعاونا مع خطة الضم، أو يحاول زيادة الضغط على المستوى السياسي في (تل أبيب)، لأن المنظومة الأمنية الإسرائيلية حذرت من التدهور مع الفلسطينيين نتيجة لصفقة القرن الأمريكية.
ليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان الجيش نجح في إيصال تحذيراته لجميع أعضاء الحكومة الجديدة، ولكن سيبقى مطلوبا من مسؤولي المخابرات أن ينقلوا حقيقة الواقع الأمني مع الفلسطينيين للمستوى السياسي، والتحذير أنه سيجر المنطقة للتصعيد معهم.
في هذه الحالة سيتعين على قيادة جيش الاحتلال الاستعداد لسيناريوهات مختلفة بعد توقف التنسيق الأمني مع السلطة، والأسابيع التالية ستكشف إذا نجح أبو مازن بجر الجيش لزيادة وجوده في الضفة، وما فرص قيادة الجيش في كبح الآثار المترتبة على ذلك على الأرض.