وأخيراً.. أدت حكومة الضم الإسرائيلية اليمين الدستورية برئاسة قطبيها بنيامين نتنياهو وبيني غانتس، ما يجعلها تواجه جدلا حول تركيز رئيسها الحالي على الاندفاع السريع لضم أجزاء من الضفة الغربية، ورغم أن رئيسها المقبل بالتناوب يستعد لتولي منصب رئيس الوزراء بعد 18 شهرا، وسيكون من الآن فصاعدا رئيس وزراء مناوبا، لكن الشخص الوحيد الذي سيحدد مسار الحكومة الـ35 الجديدة هو نتنياهو.
نتنياهو اختار أن يضع في خطابه الافتتاحي رؤيته السياسية لحكومته الخامسة، دون أن يفاجئ أحدا، وعكس رؤيته الشخصية زعيما لليمين الأيديولوجي، بحيث ستكون حكومته ملتزمة ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، واستخدم المصطلح الإسرائيلي لها، مع أنه لم يسبق لرئيس وزراء يميني أن استخدم خطاب تنصيبه للإعلان عن نيته ضم مستوطنات الضفة.
يدرك نتنياهو أن نافذة فرصة فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة ستبقى مفتوحة فقط طالما أن دونالد ترامب هو رئيس الولايات المتحدة، لذلك فهو يخطط لتنفيذ هذا البند خلال الأشهر المقبلة، شرط أن تسبق الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة في نوفمبر 2020.
استغل نتنياهو خطاب التنصيب لفرض السيادة على أراضي الضفة، باعتباره مشروع حياته، والعمل القيادي الكبير الذي يريد أن ينسب إليه، بحيث يكون الشخص الذي يحدد حدود إسرائيل لأجيال قادمة، لكن السؤال عما إذا كان شريكه الجديد سيتعاون بهذه الخطوة المتقلبة، بالنظر للجدل الدائر حولها، خاصة في المجتمع الدولي، وعند الإجابة عن السؤال المطروح عما إذا كان غانتس سيشارك نتنياهو في خطوة الضم، فقد بدا واضحا أن خطابه عقب نتنياهو تجاهل دعوة الضم.
إلى ذلك الحين، ستكون هناك ساعتان تدقان أمام نتنياهو، الأولى الساعة السياسية، التي تلزمه تسليم مكتب رئيس الوزراء لغانتس في نوفمبر 2021، والثانية الساعة القانونية، التي ستبدأ تدق يوم 24 أيار/ مايو الجاري، تاريخ محاكمته بتهمة الرشوة.
من المتوقع أن يتابع الإسرائيليون حينها بداية ملحمة استمرت لسنوات طويلة، وسيضطر نتنياهو للعمل رئيسا للحكومة في ظل محاكمته، التي ستشهد الإفراج عن جميع الشهادات والاتهامات والحجج القانونية علنا، ما قد يؤدي لتآكل مكانته، وسيتعين عليه حينها التصرف بسرعة، دون أن يتنبأ أحد بطبيعة سلوكه القادم.
بين بداية محاكمة نتنياهو الوشيكة وتطبيق قرار الضم القريب، يبقى السؤال المفصلي الذي يتداوله الإسرائيليون اليوم: هل ستبقى الحكومة الجديدة على قيد الحياة؟ ورغم أن معظم النقاد يعتقدون أنها ستكون حكومة قصيرة الأجل، لكن هناك حقيقة يجب عدم تجاهلها، وهي أن أيًّا من قادة هذه الحكومة لا يريدون جولة جديدة من الانتخابات، ما قد يجعلها في الواقع حكومة مستقرة، ولو إلى أجل مسمى!