لا تزال آثار النكبة الفلسطينية عام ١٩٤٨ حاضرة في حياة الشعب الفلسطيني ... والرواية الفلسطينية تعيد إنتاج نفسها من جديد ... على مدار اثنين وسبعين عاما وشعبنا من نكبة إلى نكبة، ومن هجرة على طول اليابسة إلى هجرة وموت في عرض البحار والمحيطات، ومن مجزرة إلى مجزرة، ومن تضييق وحصار إلى ما هو أسوأ ... جرائم تُمارس ضد الشعب الفلسطيني لا أول لها ولا آخر من الصديق والعدو والقريب والبعيد ..والحكاية مستمرة ...وبالرغم من هذا كله وما نسمعه ونقرؤه لا يساوى مثقال ذرة من حقيقة ما يحدث على أرض الواقع ... إلا أن الشعب الفلسطيني لم يتنازل عن حقوقه ولم يرفع الراية البيضاء، ويعلن دائما تشبثه بفلسطينيته وحقوقه وثوابته التي قدّم ولا يزال من أجلها التضحيات الجسام ... وها هو يُشهر غضبه في كل لحظة ويُعلن استمرار نضاله بكل أشكاله (الدبلوماسي والشعبي والعسكري) ولم يقبل المساومة ولن يخضع لواقع ظالم أرادت فرضه قُوى دولية وإقليمية داعمة للكيان الصهيوني وتريد لاسم فلسطين أن يتلاشى ليحل محله اسم (إسرائيل) ... وجاءت صفقة القرن الصهيوأمريكية بالباطل تريد تثبيت أركان الكيان الصهيوني ليكون دولة طبيعية في وسط العالم العربي والإسلامي ... في ظل انقسام سياسي زاد من الوجع الفلسطيني وأعطى الشرعية للعدو الصهيوني للإمعان في جرائمه ضد شعبنا وأرضنا ومقدساتنا ... وتطبيع عربي مع الاحتلال أراد أصحابه تدجين وكي وعي أمتنا لتقبل بالكيان الصهيوني ... وحالة التردد التي تصيب المجتمع الدولي الذي بصق على قراراتٍ أصدرها ووقع عليها بنفسه ... وهيمنة أمريكية أراد ترامب أن يعيد من خلالها العالم إلى عصر الفرعونية ينصّب نفسه الإله الذي لا معبود سواه- والعياذ بالله- يأمر فيُطاع ويفرض فيُتبع ... نعم، أعلنا جميعنا الرفض المطلق لصفقة ترامب - نتنياهو ، لكن ما الفائدة ونحن إلى هذه اللحظة لم نتفق على مشروع واحد لمواجهة الصفقة وردع الجرائم الصهيونية عن شعبنا ... لم يبقَ لدينا وقت ، فالقدس أُعطيت عاصمة أبدية وموحدة للاحتلال، وحق العودة سائر نحو الشطب بوقف الدعم للأونروا ، والاستيطان مستمر، في حين ستشهد الأيام القادمة جريمة ضم لأجزاء كبيرة من أراضي الضفة الغربية والأغوار، وحصار ممنهج لفصل قطاع غزة عن الكينونة الفلسطينية ومحاولة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني ومقاومته، ماذا تبقى لنا؟ ونحن ندور حول أنفسنا كمن يدور حول الرحى بلا فائدة، ماذا ننتظر؟ أن تُنزّل السماء علينا حرية وعودة ... لكان أحظى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كانت انتصاراته حدث فيها استشهاد لآلاف الصحابة ودم ينزف وألم أصاب الرسول نفسه ... شعبنا قدّم التضحيات الكبيرة حفاظا على الحقوق لا تفريطاً بها. وواجبٌ علينا جميعا أن نحفظ لشعبنا ذلك في ظل المؤامرات الكبيرة التي تتعرض لها القضية الفلسطينية ... وأمام هذه الحيرة والخوف مما ينتظرنا جميعا، أتساءل وبكل شفافية وجميعنا ندّعي حباً وخوفاً وحرصاً على ليلى - فلسطين - وليلى تُدرك جيدا الصادق منا والكاذب: ما الذي يمنع حواراً بيننا للمكاشفة ومراجعة حساباتنا بتجرد بعيدا عن الشخصنة والمصلحة الذاتية والحزبية من أجل فلسطين القضية والهوية والشعب، ما السبب الذي أذاق شعبنا الحصاد المرّ الذي يتجرعه صباحا ومساء ... ولنتفق على صوغ مشروعٍ فلسطيني واحدٍ، نلتقي فيه على قواسم مشتركة تجمعنا، وننطلق موحدّين لنواجه خطرا داهما نراه بأعيننا رأى العين ...