لا تتوقف آلة القمع الإسرائيلية، ضد المؤسسات الإعلامية والصحفيين الفلسطينيين؛ في محاولة منها لإخماد رسالتها وصورتها التي تكشف الصورة الحقيقية للاحتلال وجنوده في جرائمهم ضد الفلسطينيين.
ويعد الاعتقال، أحد أساليب قوات الاحتلال القمعية، ضد الصحفيين الفلسطينيين، وخاصة الاعتقال الإداري (تقييد الأسير في السجن دون تهمة)، وإهمالهم طبيًا.
إهمال كبير
وقالت منى أبو بكر، زوجة الأسير الصحفي بسام السايح: إن الحالة الصحية لزوجها خطيرة جدًا، ما دفعها للتواصل مع المؤسسات الصحفية والحقوقية والمؤسسات الرسمية المعنية بشؤون الأسرى لإنقاذه.
وأضافت أبو بكر لصحيفة "فلسطين": "بعد سنة من التواصل مع هذه المؤسسات.. تمكنّا من إجراء عملية جراحية لزوجي، عبارة عن زراعة نابضة قلبية"، مؤكدة أن زوجها تعرض لإهمال طبي متعمد من قبل إدارة سجون الاحتلال ما أدى لتدهور وضعه الصحي بهذه الدرجة.
واستدرك: "في بداية اعتقال زوجي، لم يحصل على الأدوية اللازمة، ولم يتم عرضه على طبيب"، مؤكدة أن سياسة الإهمال الطبي ممنهجة لدى الاحتلال بهدف كسر إرادة الأسير بالدرجة الأولى.
وأشارت إلى أن الكثير من الأسرى داخل سجون الاحتلال دخلوا السجن دون أي أمراض، وبفعل الممارسات الإسرائيلية بحقهم أصيبوا بعدة أمراض دون الحديث عنهم أو تسليط الضوء على قضيتهم.
وشددت على ضرورة قيام المؤسسات الصحفية بدورها تجاه الأسرى الصحفيين، وتسليط الضوء على قضيتهم، والعمل على الإفراج عنهم من سجون الاحتلال، وخاصة المرضى.
وكانت لجنة دعم الصحفيين في فلسطين، أكدت أن استمرار عمليات الاعتقال المتكررة من قبل الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين والإعلاميين لا تزال مستمرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، لا سيما إعادة اعتقال الصحفيين الذين أفرج عنهم من سجونها في وقت زمني قصير، في محاولة إسرائيلية لتكميم الأفواه ومنع الصحفيين من التغطية التي تفضح ممارسات الاحتلال، لا سيما في مدينة القدس المحتلة.
دعم منقوص
من جهته، أكد عضو الأمانة العامة لنقابة الصحفيين، الأسير المحرر عمر نزال، أن هناك دعما وإسنادا للصحفيين الأسرى الموجودين داخل سجون الاحتلال يتمثل في بعض الوقفات التضامنية وغيرها من أشكال العمل الجماهيري، لكنها "غير كافية".
وأوضح نزال لصحيفة "فلسطين" أن هناك تحركات من قبل نقابة الصحفيين بالاتصال في جهات عربية ودولية للضغط على سلطات الاحتلال من أجل إطلاق سراح الصحفيين.
وقال: "كافة الأنشطة التي تتعلق بنصرة الصحفيين داخل سجون الاحتلال، غير كافية.. الأسرى دائمًا يتوقعون المزيد من الدعم والأنشطة المتعلقة بقضيتهم العادلة"، مطالبًا الصحفيين بالتمسك بحقوقهم والوقوف إلى جانب زملائهم الأسرى داخل سجون الاحتلال.
وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من هؤلاء الصحفيين، اعتقلوا على خلفية عملهم الصحفي وحرية الرأي والتعبير، كصحفيي إذاعة سنابل المتواجدين حاليًا في سجون الاحتلال، عوضًا عن عدد من الأسرى يحاكمون حكمًا إداريًا دون تهم موجهة له.
وطالب نزال المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الصحفيين، بالوقوف عند مسئولياتها والعمل على محاكمة الاحتلال على جرائمه المتعلقة بالأسرى، وذلك وفق خطة استراتيجية منظمة تفضي لنتيجة جدية.
خطة استراتيجية
من ناحيته، قال مدير مركز القدس للمساعدة القانونية عصام عاروري: إن سياسة الاحتلال الإسرائيلي في اعتقال الصحفيين، ليست جديدة رغم تكثيفها خلال الفترة الأخيرة.
وأشار عاروري، لصحيفة "فلسطين" إلى أن هناك عددا كبيرا من الصحفيين استشهدوا أثناء أداء مهامهم، إضافة إلى الاقتحامات المتكررة للمؤسسات الإعلامية خاصة التي تقع مقراتها في منطقة "أ".
وأضاف: "الاحتلال يقمع الصورة التي تخرج من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فهو يقصد من وراء اعتقال الصحفيين، قمع الصورة والمعلومة حتى لا تصل للرأي العام".
ولفت إلى أن حماية الصحفيين تحتاج إلى جهد فلسطيني كبير سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، قائلًا: "شاهدنا في أكثر من جريمة للاحتلال، كيف أن الصورة لعبت دورًا حاسمًا كحالة الشهيد عبد الفتاح الشريف".
وتابع عاروري: "نحن كشعب فلسطيني من المهم أن نخصص ملفا متكاملا يتعلق بملاحقة الصحفيين والاعتداء عليهم وعلى نشطاء حقوق الإنسان"، مشددًا على ضرورة الاستمرار بالدور الذي يقوم به الصحفيون ودور نشطاء حقوق الإنسان.
ودعا الحقوقي إلى خطوات دولية لإعداد تقرير موسع وموثق لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، مشددا على أهمية استمرار التضامن الشعبي خاصة مع الأسرى المعتقلين والمضربين عن الطعام.
هذا، وقال رئيس دائرة الرصد والتوثيق في مؤسسة الحق، تحسين عليان، إن الصحفيين يتمتعون بحماية خاصة أولا لأنهم مدنيون، ولأنهم صحفيون, ثانيا حسب ما توفره لهم اتفاقية جنيف الرابعة.
وأضاف عليان، لصحيفة "فلسطين": "لكن للأسف! قوات الاحتلال لم تحترم هذه الحماية لا بوصفهم صحفيين ولا بوصفهم مدنيين".
ونوه إلى أنه يمكن إدراج الاعتداء على حرية الصحافة والتعبير ضمن التقارير التي ترفع لمنظمات دولية وللمقررين الخاصين بحرية التعبير، مطالبًا برصد هذه الانتهاكات وتقديمها لمحكمة الجنايات الدولية.