فلسطين أون لاين

عبر البث المباشر.. مسلمون "يتجولون" في الأقصى

...
غزة- هدى الدلو:

نقل صورة القدس عبر تقنية البث المباشر للمسلمين في الخارج الذين يبدو لهم القدوم إلى المدينة والمسجد الأقصى "حلمًا"، لم يكن بالأمر السهل، فلا بد من المغامرة والمخاطرة التي كانت جزءًا من البث، حتى الحذر من الاحتلال أكثر من الإصابة بفيروس كورونا.

لكن عمد صاحب المبادرة المقدسي أسامة برهم إلى نقل ما يعانيه أهل القدس والذي أصبح جزءًا من يومياتهم.

"لا أنكر أني شعرت ليلتها أني أحمل الراية ورسالة عظيمة، كانت ردودهم وأعدادهم في الفضاء الافتراضي يزيدني إصرارًا على أن أكمل الجولة، مع رسالتي لهم "خليكم بالبيت واحنا بنوصل القدس لبيوتكم"؛ يقول برهم لصحيفة "فلسطين".

كان صوت بكاء أحدهم لدقائق يحرك المشاعر ويعيد له الثقة بوطنه العربي المنقسم، وأصواتهم المبحوحة تزيد قناعته بأنهم شعب واحد من المحيط إلى الخليج، وكان شغفهم وطمعهم المشروع في رؤية كل الحواري والزقاق دليلًا على أن القدس لم تخسر هيبتها، وما زالت قضية كل عربي ومسلم حر.

يقول برهم: "هذا العام قد يكون الأصعب على أهل المدينة، إغلاق المسجد الأقصى ليس أمرًا هينًا ولا عابرًا علينا، أهل القدس تحديدًا على ارتباط يومي بمسجدهم، يتجلى هذا الارتباط في شهر رمضان؛ ما زاد من قساوة الأمر".

ويضيف: "عند اتصالي ببعض الأصدقاء كان طلبهم أن يزوروا القدس ولو افتراضيًّا من خلال البث المباشر".

لبى طلبهم وظن أن عدد المشاهدات لن يتجاوز عدد أصابع اليد، وبدأ في جولته من المواقع التي شهدت أمجادًا إسلامية، كميدان عمر بن الخطاب، وكان عدد المشاهدات يزيد بسرعة عظيمة، شعر لحظتها أنه يقود جيشًا قوامه ألفا شخص، فكان الحضور مربكًا ومخيفًا؛ وفق وصفه.

"كنت أسمع بكاء الضيوف ونحيبهم، واقرأ تعليقاتهم التي زادتني إصرارًا على أن آخذهم إلى الأماكن الأجمل ليشاهدوا المسجد الأقصى وقبة الصخرة من خلال هواتفهم الذكية من بيوتهم، فمررنا على ما تبقى من أنقاض حي المغاربة، وبعض الزقاق وشاهدوا كيف يهود الاحتلال المدينة ويزرع أحجارًا لا تشبه السور مكتوبًا عليها بالعبرية"، يواصل كلامه.

ويصف المهمة بالصعبة، فوجوده بالشوارع كان خطرًا وقد يكلفه غرامة باهظة، لكن التجربة تستحق المغامرة؛ كما يقول.

يتابع: "حقيقة لم أكترث لأي عقاب مع هذا العدد الكبير من المشاهدات والمداخلات، أذكر جيدًا أن حصتي من هذا البث كانت 20 دقيقة، فلا أعرف ولا المتابعون كيف تجاوزنا ساعتين ونصف في بث مباشر، ومع ذلك كانوا يرفضون إنهاء البث".

ويشير إلى أن فكرة الخروج ببث مباشر هي فكرة تونسية بامتياز، وطلب منه تكرار التجربة وأن تكون دوريًّا، فهي فرصة له لشرح الكثير عن القدس ومعالمهما وتاريخها الإسلامي.

ومن العقبات التي واجهته محدودية التجول، والخوف من الدخول لكل أحياء البلدة القديمة خشية الأسر، إضافة إلى إطفاء الإضاءة في الشوارع ليلًا في القدس.

ويرى أن هذه التجربة كانت رسالة لكل العالم بأن القدس هي أصل الحكاية، وأهلها لا يزالون يصنعون كل مبادرة لنقل صورة مدينتهم، "فكل مقدسي على استعداد أن يقوم بهذه التجربة، وكل مبعد عن المدينة بسبب الاحتلال والحدود والجغرافيا يستطيع أن يراها من خلال أبنائها، لننقل لكم أجمل صورة حتى يكتب الله لنا لقاء فيها يوم تحريرها".