ما أحدثه تقرير مراقب كيان الاحتلال حول إخفاقات عدوان الواحد وخمسين يومًا على قطاع غزة صيف عام 2014م عقب صدوره قبل قرابة شهر، لا تزال تبعاته تتوالى إلى هذا اليوم، وأحدث في الكيان ستة متغيرات من شأنها أن تقود إلى تغيير شكل الحكم القائم حاليًا قبل نهاية العام، على ما يقول خبيران في الشؤون العبرية.
فمن أولى تبعات التقرير كما يقول الخبيران لـ"فلسطين"، أن المستوى الشعبي في كيان الاحتلال لم يعد يثق بالقيادتين السياسية والعسكرية ويرى أنهما حجبتا عنه الكثير من المعلومات فيما يخص سير العمليات العسكرية العدوانية، في حين أن سياسة الردع لم تحقق أهدافها، ففي 57 مستوطنة محاذية لقطاع غزة يستوطنها ربع مليون إسرائيلي ما زالوا يشعرون بالخوف الذي رافقهم صيف 2014م، وهو ما تصاعد مع حجم الاستنفار الأمني بعد اغتيال القيادي في كتائب القسام مازن فقها بمدينة غزة مساء الجمعة قبل الماضية.
وأظهر التقرير، وفق الخبيرين فشل الاحتلال في مواجهة المقاومة وجها لوجه بفعل المفاجآت التي حدثت عام 2014م، من خلال طائرات أبابيل، وصواريخ المقاومة، وغياب المعلومات عن الأنفاق، والعمليات خلف خطوط العدو، وهو المتغير الثاني.
فضلا عن أن التقرير أخفى الصندوق الأسود وما تملكه المقاومة من أسرار بخصوص سير المعارك والجنود المفقودين لديها، إضافة إلى فشل الاحتلال في فرض معادلة جديدة بالرد على الصواريخ التي تطلق من غزة بقصف مواقع عديدة للمقاومة بعد أن هددته كتائب القسام بأنها سترد على عدوانه، لذلك لجأ إلى سياسة الحرب الناعمة والاغتيال الهادئ كتكتيك جديد وهو ما حدث باغتيال القائد فقها.
والمتغير الثالث، وفق هؤلاء، بدء الأحزاب السياسية الإسرائيلية في تسخين الجبهة والساحة السياسية الإسرائيلية مستغلة الوضع السيئ الذي يمر به رئيس حكومتهم بنيامين نتنياهو الذي تلاحقه شبهات فساد.
ويقدر الخبراء لصحيفة " فلسطين"، أن ما سبق كلها مؤشرات على أن البحث عن بديل لنتنياهو قد بدأ، مرجحين أنه من هذا اليوم وحتى نهاية العام فإن (إسرائيل) تتجه نحو إجراء الانتخابات.
ويتحدث الخبير في الشأن العبري هاني أبو سباع عن المتغير الرابع، وهو أن الحديث يدور حول سعي نتنياهو والمتطرفين في أعضاء حكومته لتمرير مشروع للكنيست لإفراغ تقرير المراقب من محتواه، عبر سن قوانين تحجم من صلاحية المراقب بداعي أنها تمس بالأمن القومي".
لكن ثمة رابح وحيد من التقرير، كما تابع، هو البيت اليهودي الذي يتزعمه وزير التعليم الحالي نفتالي بنيت، الذي زعم أنه نبه لخطر أنفاق المقاومة ولكن تحذيراته لم تلق آذانا صاغية.
وذكر أن تقرير مراقب دولة الاحتلال ما زال في جعبته الكثير حول ما لدى المقاومة، الذي سيكون ضربة قاضية لنتنياهو الذي سوق نفسه أنه الشخصية القادرة على إيجاد الحلول، ولكن التقرير أظهر أنه فشل أمنيا ولم يحقق انجازات سياسية للاحتلال".
وأشار أبو سباع إلى أن استقالة وزير جيش الاحتلال السابق موشيه يعلون ونائبه، يدلل أن هناك أسرارا أمنية وخسائر كبيرة.
ويضيف الخبير عمر جعارة على كلام أبو سباع، الأمر الخامس في المتغيرات وهو أن التقرير كبح جماح الاحتلال في شن عدوان على غزة، رغم أنه بحاجة إلى انتصار سريع وغير قابل للجدل، يصاحبه انجاز سياسي، مستبعدا حدوث حرب قريبة لأنها لن تستطيع تحقيق ما سبق، مدللا على الفشل الأمني والاستخباري الذي أظهره التقرير في جمع معلومات عن أنفاق وصواريخ المقاومة وقدراتها.
أما الهزة السادسة، كما أضاف جعارة لصحيفة "فلسطين"، أن التقرير شكل كارثة على المستوى السياسي والعسكري الإسرائيلي، وأن كافة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فشلت في الحصول على معلومات عن الأنفاق والصواريخ رغم انفاق ملايين الشواكل عليها، وأن القيادة السياسية غير مؤهلة لإدارة الحرب".